تشهد الساحة السياسية السورية حراكاً متسارعاً يعكس عودة النشاط المدني بعد عقود من الجمود، وهو ما أكده أحمد رفعت يوسف، مسؤول الإعلام في التجمع الوطني الديمقراطي، خلال مقابلة مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم. وأوضح يوسف أن النشاط السياسي في سوريا ظل مجمداً منذ ستينيات القرن الماضي، مما خلق فراغاً كبيراً، لكن التغيير الذي حدث مؤخرًا أتاح فرصة لعودة الحيوية السياسية، مشيرا إلى أن السرعة التي انطلقت بها القوى السياسية والمجتمع المدني في سوريا تعكس حيوية الشعب السوري بشكل استثنائي.
وأكد يوسف أن التجمع الوطني الديمقراطي يضم نخبة من مختلف المحافظات السورية، من شباب ومثقفين وسياسيين وحقوقيين، وأنه يعمل على بناء سوريا كدولة مدنية ديمقراطية تقوم على أساس المواطنة وحقوق الإنسان. وأوضح أن التجمع في طور التشكل حاليا، حيث تم انتخاب قيادة له، وهو يجري لقاءات مع قوى سياسية أخرى، منها حزب الإرادة الشعبية برئاسة قدري جميل، في محاولة لخلق توافقات حول مستقبل سوريا السياسي.
وحول المخاوف من استفراد التيار الديني بالمشهد السياسي، شدد يوسف على أن المجتمع السوري مجتمع تعددي منفتح، وهو ما يجعل من المستحيل أن يحكمه أي تيار متطرف، سواء كان دينيا أو سياسيا. وأضاف أن الحركات السياسية والأحزاب الجديدة ستشكل طيفا سياسيا متنوعا، وعند إجراء انتخابات حرة لن يحصل أي تيار متشدد على أغلبية، بل سيكون للتيار الوطني المدني الحضور الأقوى.
وفيما يتعلق بالمشهد الحزبي، أوضح يوسف أن الأحزاب التقليدية مثل الشيوعي والقومي السوري والناصري تعرضت للتشتت خلال العقود الماضية، لكنها ستستعيد دورها مع توفر الحرية السياسية. كما أشار إلى أن الفراغ السياسي في سوريا سيؤدي إلى ظهور أحزاب جديدة ذات طابع وطني، بالإضافة إلى احتمال ظهور تيار ديني غير مرتبط بالإخوان المسلمين أو بأي فصيل متطرف.
وأكد يوسف أن الساحة السياسية السورية في النهاية ستخضع لقوى وطنية كبرى ذات توجهات منفتحة، مشيرا إلى أن جميع اللقاءات التي يجريها التجمع الوطني الديمقراطي مع الأطراف الأخرى تكشف أن نقاط الاتفاق بينها أكبر من نقاط الخلاف. واعتبر أن الإجماع قائم على بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المواطنة، وعلى رفض التطرف والتخوين واستخدام السلاح بين السوريين لأي سبب كان.
وحول أهمية الحراك السياسي الحالي وتأثيره على مستقبل سوريا، شدد يوسف على أن هذا الحراك سيكون العامل الأهم في تشكيل المشهد السياسي السوري القادم، خاصة أن الحكومة الحالية بلون واحد ولا تعكس التعددية التي يريدها السوريون. وأوضح أن تطور العمل السياسي وتماسك القوى الجديدة سيمنحها القدرة على التأثير وفرض رأيها من خلال التظاهر أو عبر المطالبة بحقوقها السياسية.
وفيما يخص الخطوات العملية المطلوبة لتكون هذه القوى مؤثرة في الشارع السوري، أكد يوسف أن الأهم هو الاستعداد للانتخابات، حيث ستكون هذه القوى هي الكتلة الناخبة الأكبر، مما سينعكس على البرلمان والحكومة المستقبلية. وشدد على أن النخب السياسية الموجودة في هذا الحراك قادرة على التأثير في الشارع السوري لأنها تضم أطيافا واسعة من مختلف المكونات.
أما بشأن احتمال دعوة هذه القوى إلى المؤتمر الوطني المرتقب، فقد أكد يوسف أنها ستكون مدعوة بالتأكيد، كونها تمثل القوة الأكبر في المجتمع السوري. وأضاف أن التغيير السياسي في سوريا يجري بسرعة، مشيرا إلى أن الغياب الطويل للحياة السياسية جعل من الصعب تنظيم الأمور خلال أيام، لكن سرعة الحراك الحالي تعكس قدرة المجتمع السوري ونخبه على إعادة تشكيل المشهد السياسي. واختتم يوسف حديثه بالتأكيد على أن المؤتمر الوطني المقبل سيكون انعكاسا للشارع السوري، وأن النخب الجديدة سيكون لها الصوت الأقوى في تحديد مستقبل سوريا.