في حوار موسع مع شبكة شام نيوز إنفو عبر أثير إذاعة فيرجن إف إم، حلل الخبير السياسي عماد نداف الزيارة الثانية للرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا، والتي تأتي في سياق تحولات إقليمية ودولية كبرى. وأكد نداف أن هذه الزيارة تحمل دلالات استراتيجية تتجاوز الإطار البروتوكولي، حيث تشكل تركيا حالياً أحد أهم الأقطاب المؤثرة في الملف السوري.
أوضح نداف أن العلاقات السورية التركية تمر بمرحلة مفصلية بعد سقوط النظام السابق، حيث تشهد تحولاً جوهرياً في طبيعتها وأهدافها. فمن داعم رئيسي للمعارضة المسلحة، تحولت تركيا إلى شريك استراتيجي للحكومة السورية الجديدة. وأشار إلى أن هذه التحولات تأتي في إطار إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، حيث تسعى أنقرة لتعزيز نفوذها في المنطقة عبر بوابة دمشق.
تناول نداف بالتفصيل الأبعاد الأمنية للزيارة، مؤكداً أن ملف بناء الجيش السوري الجديد يشكل أحد المحاور الرئيسية للتعاون بين البلدين. وأضاف: “تركيا تمتلك الخبرات والمعدات التي يمكن أن تساهم في إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية، خاصة في مجال التدريب والتسليح”. كما ناقش إمكانية التوصل إلى صيغة جديدة لاتفاقية أضنة، التي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الأراضي السورية لمطاردة العناصر المسلحة.
على الصعيد الاقتصادي، أشار نداف إلى أن الزيارة هدفت إلى تعزيز التعاون في مجالات إعادة الإعمار والاستثمارات المشتركة. ولفت إلى أن الشركات التركية بدأت بالفعل تغزو السوق السورية، حيث تشكل البضائع التركية حالياً نسبة كبيرة من الواردات. وأكد أن هذا التوجه يعكس رغبة تركية في تحويل سورية إلى سوق استهلاكية لمنتجاتها، بينما تسعى دمشق للحصول على استثمارات تدعم عملية إعادة الإعمار.
في الجانب السياسي، ناقش نداف تأثير الزيارة على الملف الكردي، حيث تشكل المسألة الكردية أحد أهم نقاط التوافق بين البلدين. وأوضح أن تركيا تسعى لمنع أي شكل من أشكال الحكم الذاتي للأكراد في شمال سورية، بينما تريد دمشق إعادة بسط سيطرتها على كامل أراضيها. وأضاف: “التنسيق التركي السوري في هذا الملف أصبح أكثر كثافة، خاصة بعد الاتفاق مع قوات سورية الديمقراطية”.
ختاماً أكد نداف على أن الزيارة تمثل محاولة سورية لتحقيق توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية، حيث تسعى دمشق إلى الاستفادة من الدعم التركي دون التفريط بسيادتها أو التخلي عن تحالفاتها الأخرى مع الدول العربية وخاصة الإمارات والسعودية.