في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو عبر أثير إذاعة ميلودي إف إم، تناول مهند حاج علي، عضو مجلس الشعب السابق، الموقف المعلن وغير المعلن لدونالد ترامب بشأن الحرب الأوكرانية. أشار حاج علي إلى تصريح سابق لترامب أثناء حملته الانتخابية، وعد فيه بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، مما حصد دعما كبيرا له. لكن بعد نجاحه في الانتخابات، تم تسريب معلومات تشير إلى تقديم ترامب ورقة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تتضمن اعترافا أمريكيا بالدونباس والقرم كأراض روسية، مع إنشاء نقاط مراقبة على الحدود الممتدة بين أوكرانيا وروسيا لمسافة 1300 كيلومتر. كما تضمن الاقتراح تعهدا بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو لمدة عشرين عاما.
أشار الحاج علي إلى أن هذه المبادرة لاقت قبولا إيجابيا لدى الجانب الروسي. أما على الصعيد الأوروبي، فاعتبر أن اتصال المستشار الألماني أولاف شولتز بموسكو يأتي في إطار محاولة اللحاق بالتسوية لتجنب عزلة أوروبية محتملة. وأضاف أن تصريحات ميدفيديف حول الدبابات الروسية وإمكانية رؤيتها مجددا في برلين جاءت كرسالة مباشرة لألمانيا التي استمرت في دعم النازيين الجدد في أوكرانيا. هذا التصعيد، بحسب حاج علي، يبرز حجم الخلاف بين ألمانيا وروسيا، ويشير إلى تصاعد التوترات بينهما بشكل غير مسبوق.
تحدث الحاج علي عن تبعية أوروبا السياسية للولايات المتحدة، مؤكدا أن أوروبا أصبحت مجرد أداة لتحقيق المصالح الأمريكية في مواجهتها مع روسيا. هذا التبعية دفعت أوروبا لدعم النازيين في أوكرانيا سعيا للحصول على الغاز الأمريكي، بينما تكبدت خسائر اقتصادية فادحة. ورأى حاج علي أن روسيا استنزفت أوروبا اقتصاديا وعسكريا خلال هذه الحرب، في حين استمرت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية عبر العمليات العسكرية الدقيقة التي تهدف إلى استئصال النازيين من أوكرانيا.
لفت الحاج علي إلى صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا، التي ترفض استمرار العداء مع روسيا وترى في الحرب الأوكرانية عبثا يضر بمصالح الدول الأوروبية. وأكد أن هذه الأحزاب تسعى للحفاظ على خصوصية وقومية كل دولة بعيدا عن الانصهار في حروب عالمية قد تذيب الهويات القومية. إضافة إلى ذلك، أشار إلى أن معاناة أوروبا من تدفق المهاجرين وتفاقم الأزمات الاقتصادية نتيجة الحرب، تزيد من ضغوط الرأي العام على حكوماتها لتغيير مواقفها السياسية تجاه روسيا.
كما انتقد الحاج علي الدور الأمريكي في تغذية الحرب، مشيرا إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة يتبعون سياسات متناقضة تجاه الأزمة الأوكرانية. فبينما يسعى الديمقراطيون إلى استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا، يعمل ترامب والجمهوريون على استغلال الفشل الديمقراطي في حل الأزمة لكسب المزيد من التأييد الشعبي. وأوضح أن ترامب، رجل الأعمال، يسعى لعقد صفقات تحقق مصالح اقتصادية، ولهذا السبب يفضل تسوية الأوضاع في أوكرانيا بدلا من الاستمرار في الحرب.
أشار الحاج علي إلى تصريحات زيلينسكي التي انتقد فيها نقص الدعم الغربي لأوكرانيا، واعتبرها محاولة لتثبيت الديمقراطيين في السلطة. لكنه أكد أن ترامب لن ينجح في تحقيق أي إنجاز لو تبنى سياسات بايدن الداعمة لأوكرانيا، حيث إن الخيارات المتاحة أمامه محدودة: إما هزيمة النازيين بشكل كامل أو مواجهة حرب بين الناتو وروسيا.
تطرق الحاج علي إلى دور روسيا في التصدي للنازيين الجدد، مشيرا إلى محاولات زيلينسكي السرية لتنشيط مفاعل تشيرنوبيل لإنتاج قنابل نووية، وهو ما اعتبره استفزازا خطيرا لروسيا. وأكد أن روسيا لن تقبل بوجود تهديد نووي على حدودها، مما يبرر قرارها بالقيام بعملية عسكرية في أوكرانيا. كما أشار إلى عزل الغرب لروسيا سياسيا، إلا أن الأخيرة استطاعت تعزيز علاقاتها مع دول أخرى مثل الصين ودول البريكس.
على صعيد التحالفات الدولية، تحدث الحاج علي عن العلاقات الروسية الإيرانية، مشيرا إلى دور روسيا في دعم البرنامج النووي الإيراني وتزويدها بمنظومات دفاعية متطورة. كما أكد أن روسيا تسهم في تقوية حلفائها، على عكس السياسات الأمريكية التي تستنزف حلفاءها. وأوضح أن الدعم الروسي لسوريا وإيران يعزز من محور المقاومة ويزيد من قوة حلفاء روسيا في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.
أكد الحاج علي أن أوروبا تواجه تحديات اقتصادية وأمنية متزايدة نتيجة الحرب الأوكرانية، مشيرا إلى أن استمرار التبعية للولايات المتحدة سيؤدي إلى المزيد من الأزمات. ودعا الدول الأوروبية إلى مراجعة سياساتها والبحث عن تسويات تحقق مصالح شعوبها بدلا من الانخراط في سياسات عدائية ضد روسيا.
وفي الختام، رأى الحاج علي أن إدارة ترامب قد تحمل فرصا لتسوية الأزمة الأوكرانية، خاصة مع تسريبات حول مقترحات تشمل الاعتراف بالقرم وأراضي أخرى كأراض روسية. وأكد أن روسيا تظل لاعبا أساسيا في النظام الدولي الجديد، مستفيدة من الأخطاء الغربية لتعزيز مكانتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.