أكد الباحث والمحلل السياسي حسام طالب في حديث مع برنامج المحلل عبر إذاعة ميلودي إف إم بالتعاون مع شبكة شام نيوز إنفو، أن تشكيل جيش وطني موحد يتطلب بداية إقرار دستور يحدد مهام القوات العسكرية وعقيدتها وآلية عملها. وأوضح أن الدمج بين الفصائل لا يمكن أن ينجح دون إطار دستوري ينظم هذه العملية، مشيراً إلى أن تنظيم الجيش يمثل أولوية لإعادة ضبط الفوضى التي تركها النظام السابق بعد انهياره.
تناول طالب التحديات التي تواجه عملية الدمج، موضحاً أن بعض الفصائل قد ترفض الانضمام للجيش، وأنه رغم الاتفاق العام على الاندماج، فإن التفاصيل تعرقل التنفيذ. كما حذر من أن بقاء الفصائل بتمويلها وسلاحها الحالي يخلق شكلاً من الاندماج الاسمي، لكنه لا يؤدي إلى بناء جيش حقيقي متماسك قادر على حماية الدولة والشعب.
أشار طالب إلى إمكانية البناء على هيكلية الجيش السوري السابق، مبرزاً أنه كان من أقوى الجيوش في المنطقة قبل أن يحوله النظام إلى ميليشيات مشتتة ذات أهداف متناقضة. وأكد ضرورة تجنب تكرار هذا النموذج المفرغ من المضمون عند تأسيس الجيش الجديد، مشدداً على أن الجيش يجب أن يكون منظماً، بمهمة واضحة، وقيادة مركزية.
أوضح طالب أن الدستور الجديد سيحدد معالم الدولة السورية القادمة، مؤكداً أنه لا يمكن إدارة البلاد بعقلية ثورية مستمرة، بل يجب الانتقال إلى دولة مؤسسات لتحقيق الاستقرار والتنمية. وأشار إلى أن الحالة الثورية التي استمرت في دول مثل إيران أظهرت نتائج سلبية على المجتمعات، داعياً إلى إنهاء هذه الحالة في سوريا لبناء دولة مستقرة.
فيما يخص التدخلات الخارجية، اعتبر طالب أنها من أبرز العقبات أمام تشكيل الجيش، مشيراً إلى دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية ورفض بعض الفصائل تسليم أسلحتها في مناطق مثل السويداء. ودعا إلى وضع خطة واضحة للجيش تقنع الفصائل بالاندماج في مشروع الدولة، مشدداً على أهمية العمل العسكري ضد من يرفض الانضمام.
وفي حديثه عن هيئة تحرير الشام، أشار طالب إلى أنها أعلنت استعدادها لحل نفسها ودمج عناصرها في الجيش الوطني، داعياً إلى الاستفادة من الضباط المنشقين الذين يمتلكون خبرات عسكرية كبيرة لتأسيس جيش قوي. كما حذر من إعادة إنتاج تجربة الجيش الحر التي افتقرت إلى قيادة موحدة وبنية متماسكة، مما أدى إلى فشلها في أن تكون بديلاً حقيقياً عن جيش النظام.
تطرق طالب إلى الأحداث الأمنية الأخيرة، محذراً من استغلالها لتأجيج الفتنة الطائفية، وخصوصاً بعد التحريض الإيراني الواضح الذي يهدف إلى إفشال التجربة السورية الجديدة. وأشاد بتعامل الهيئة مع هذه الأحداث، حيث نجحت في تهدئة الأوضاع بالتواصل مع الوجهاء ورجال الدين في المناطق المضطربة.
واختتم طالب حديثه بالتأكيد على أن سوريا تمر بمرحلة خطيرة تتطلب حكمة واستيعاباً من جميع الأطراف. وحذر من سيناريو مشابه لليبيا في حال فشل الإدارة الجديدة في تطبيق ما تقول، مشدداً على أهمية الإصلاح وبناء الدولة وإشراك جميع السوريين في العملية السياسية لتحقيق الاستقرار والتنمية.