ما زال الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فولوديمير زيليينسكي يحشر نفسه في زاوية ضيقة ، لعدم توفر خيارات إيجابية أمامه أصلاً سوى التنازل فالاستسلام ، دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المعروف بسياسة البلطجة بدأ يبتز زيليينسكي لإنقاذه من نهاية حرجة قد تفضي به إلى السجن على الأقل لتورطه بسرقة ملايين الدولارات واليورو من شركائه خلال فترة وجوده في منصبه بسبب طلباته للحصول على شرائح جديدة من المساعدات، ويريده أن يدفع ما يترتب عليه من أموال وديون لأمريكا أولاً ، وقد أرسل له للمرة الثانية مسؤولاً من إدارته لمناقشة أمر أستعادة أموال الدعم الأمريكي وإلا … !!!!
يُطرح مصير زيليينسكي على محك صفقة ترامب للسلام التي بدأت تظهر معالمها تدريجياً، فزعيم نظام كييف انتهت ولايته منذ 20 مايو الماضي، ولم يجر انتخابات رئاسية بحجة رفع الأحكام العرفية في بلاده والتعبئة العامة للحرب، داخلياً وخارجياً هو مطالب بإجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت ممكن، وأن يسدد ما يترتب عليه من ديون لأمريكا والغرب ويحاسب على سرقة المساعدات الغربية لبلاده بعد مغادرته مقعد الرئاسة وتسببه بأكبر خسارة جغرافية وبشرية ومادية لأوكرانيا.
غموض ولا يقين وترقب أوكراني وتوجس من التقارب وجوّ المغازلة بين روسيا وأمريكا، فبعد أن وصل ترامب إلى البيت الأبيض قطع شوطاً كبيراً باتجاه روسيا بعد طول جفاء وقطيعة بين البلدين على خلفية الحرب الأوكرانية، يبدو زيليينسكي خائفاً حتى وإن أظهر عكس ذلك يبتدع خططاً ليحرر نفسه من الأكبال ،وأكثر ما يثير ذعره هو مصيره شخصياً، عدا عن قرار تجميد الحرب وتوقف القتال دون انسحاب روسي من الأراضي التي سيطرت عليها لأن هذا سيضعه في موقف صعب أمام شعبه على الأقل بهزيمته في كل الرهانات والسباقات التحديات، وما يعزز مأزقه هو عودة القتال بشكل أعنف وأقسى خاصة أن روسيا تحشد حالياً نحو 100 ألف جندي، ربما يستعدون لحرب جديدة إذا ما جمدت الحرب الراهنة.
في البداية، كان لا أحد يعرف ماهية خطة ترامب للتفاوض على إنهاء الحرب الأوكرانية ولصالح من ستكون ، كانت خطته مبهمة،لكن اتصاله بزيليينسكي الذي أخبره فيه بضرورة إنهاء الحرب، وتصريحاته بما يخص استحالة انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، واستحالة عودة حدودها كما كانت عليه قبل الحرب ، ومطالبته زعيم نظام كييف بالأموال الأمريكية رغم تقديم الأخير عرضاً لأمريكا ليرضي عقل ترامب الجانح للصفقات بوضع ما لديه من معادن نادرة وأشياء أخرى مقابل” حياته” وغيرها من الضمانات الأمنية، كل ذلك يؤكد على هزيمة زيليينسكي والزاوية الميتة التي وضع نفسه بها ، فترامب يبدو أنه ضرب ” خطة نصر زيليينسكي”عرض الحائط خاصة أن كمية لا بأس بها من تلك الثروات والمعادن النادرة تقع في مناطق قد سيطرت عليها روسيا بالفعل.
أمام كل هذا المشهد، بين رجل الصفقات وحاجة زيليينسكي للإنقاذ، يبقى زيليينسكي عالقاً في عقدة “خطة النصر” و”خطة السلام” التي بات واضحاً أنه سينفذها لوحده ويدفع ثمن سرقاته مهما قدم من إغراءات لترامب، خاصة أن موسكو ترفض الرقص على أنغام واشنطن، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتعامل بندية مع ترامب إدراكاً من الأول بأنّ الأخير يريد تجنب الصراع العسكري مع روسيا بأيّ ثمن وأنه سيختفي إلى الأبد بحلول عام 2029، لذلك يتمسك بوتين وإدارته بموقفه التفاوضي، بأنه من دون حل للمشاكل التي تشكل الأسباب الجذرية للأزمة في أوكرانيا، لن يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق، وأحد أبرز تلك المشاكل الجذرية وجود زيليينسكي بحد ذاته في أي تفاوض مفترض!!