كشف المحلل السياسي محمود عبد السلام في حديث مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة فيرجن إف إم عن تعقيدات المشهد الأمني في سوريا، مركزاً على حادثة جرمانا التي أثارت تساؤلات حول مدى استقرار المناطق ذات التركيبة الطائفية المتنوعة. وروى عبد السلام ثلاث روايات متضاربة للحادث:
– الرواية الرسمية: تدخل دورية أمنية في جرمانا أدى إلى اشتباك مع عناصر مسلحة على حاجز محلي، نتج عنه مقتل عنصر أمني وجرح آخر، فيما فرّ منفذ الهجوم.
– الزيارة الشخصية: وجود عنصرين من الأمن العام من إدلب في زيارة غير رسمية لأقاربهم، تصادم مع وجودهم في منطقة ذات حساسية أمنية.
– استغلال الفلول: محاولة من بقايا النظام السابق لزعزعة الأمن عبر استهداف عناصر الأمن الجديد.
وأشاد عبد السلام بسرعة تدخل القيادات الدينية والمجتمعية في جرمانا، التي أصدرت بياناً أدان الهجوم وحقنت الدماء عبر حوار مكثف مع الأهالي. لكنه حذر من أن إسرائيل استغلت الحادثة لتكثيف خطابها حول “حماية الطائفة الدرزية”، مهددةً بالتدخل العسكري المباشر تحت ذريعة منع “اضطهاد الأقليات”. وتطرق إلى مشروع “ممر داوود” الإسرائيلي، الذي يهدف إلى إنشاء منطقة نفوذ تمتد من كردستان العراق عبر البادية السورية إلى الجولان المحتل، بهدف عزل الجنوب السوري وتحويله إلى منطقة عازلة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، على غرار “جيش لحد” في جنوب لبنان سابقاً.
من جهة أخرى، تناول عبد السلام المشاريع التقسيمية التاريخية لسوريا، بدءاً من مخططات الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، التي حاولت تقسيم البلاد إلى دويلات طائفية (دروز في الجنوب، علويون في الساحل، وسنة في الداخل). وأكد أن هذه المخططات تعود اليوم بأشكال جديدة، حيث تسعى إسرائيل إلى دعم كيانات منفصلة في الشمال الكردي عبر “قسد”، وفي الجنوب عبر تصريحات حول “حماية الدروز”، بينما تدعم تركيا فصائل معارضة في الشمال السوري.
ولفت الخبير إلى تعقيد الوضع في مناطق سيطرة “قسد”، التي ترفض الاندماج في الجيش السوري وتصر على الحكم الذاتي، مدعومةً من الولايات المتحدة التي تحتل حقول النفط الشرقية. وأشار إلى أن رفض “قسد” تسليم السلاح أو الانخراط في المؤسسات الوطنية يُضعف جهود إعادة التوحيد، خاصة في ظل تصريحات زعيم “حزب العمال الكردستاني”، عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى حل الحزب وتسليم السلاح، بينما رفضت “قسد” هذه الدعوة واعتبرتها موجّهة لأكراد تركيا فقط.
واختتم عبد السلام بالتحذير من أن استمرار الفراغ الأمني وغياب جيش موحد قادر على حماية الحدود يجعل سوريا فريسة للمشاريع التقسيمية، خاصة مع تنامي الخطاب الدولي حول “حماية الأقليات”، الذي تُستخدمه قوى كبرى كذريعة للتدخل.