عام 2015، ظهرت ميليشيا جديدة على ساحة الصراع في سورية تحت اسم جيش سوريا الجديد، كان هدفه العلني القتال ضد النظام السوري ويعرّف عن نفسه كباقي الفصائل بأنهم ثوار سوريا ويريدون تحريرها من قبضة النظام الديكتاتوري ، لكن ضمنياً كان جيشاً يعمل تحت إمرة الاستخبارات الأمريكية ليحمي مصالحها النفطية على الأراضي السورية وبما أنه لا يرتبط بإيديولوجيات دينية أو عرقية محددة، كان خياراً مفضلاً للولايات المتحدة كـ”أداة معتدلة”، ينتمي غالبية مقاتليه إلى مناطق شرق سوريا، هذا الفصيل دخل بموجة من الخلافات والصراعات الداخلية بين قادته ، وكان يتغير اسمه مع قدوم قائد جديد يتم تعيينه من القوات الأمريكية، فعندما كان زعيمه خزعل سرحان كان تحت اسم جيش سوريا الجديد ،تلاه ” عبد الله الزعبي”، ومن ثم تحول اسم الفصيل لـ”جيش مغاوير الثورة” تحت قيادة مهند الطلاع ، وفي عام 2022 تم إطلاق اسم ” جيش سوريا الحرة” عليه مع تعيين قائد جديد له اسمه فريد قاسم الذي تم عزله عام 2024 وتم تعيين سالم العنتري بدلاً منه٬ وهو الرجل الذي يقود الفصيل حتى اليوم.
عاد اسم هذاالفصيل للمشهد بقوة في الأيام الأخيرة، بعد انتشار خبر سيطرته على منطقة الضمير ومطارها الذي يبعد 35 كلم متراً عن مدينة دمشق، تمهيداً لإنشاء قاعدة عسكرية” أمريكية” وكذلك لمحاربة داعش في البادية السورية، إلا أن المكتب الإعلامي للفصيل نفى هذه المزاعم وجدد تأكيده على أن أماكن سيطرته محصورة في قاعدة التنف الاستراتيجية على الحدود السورية الأردنية العراقية، لكن مؤخراً نجح بالفعل بالسيطرة على مناطق جديدة في الجنوب الشرقي لسوريا وصولاً إلى تدمر ومحطة نقل النفط T2 في بادية دير الزور محكماً السيطرة على الطريق الواصل بين دمشق ودير الزور، والسخنة والقريتين بريف حمص وجبل الغراب قرب طريق تدمر دمشق.
علاقة جيش سوريا الحرة مع واشنطن تمثل محور الدعم السياسي والعسكري حيث قامت بتزويده بمعدات عسكرية متطورة، بما في ذلك صواريخ مضادة للدروع، وطائرات مسيرة استطلاعية. كما وفرت تدريبات مكثفة للعناصر داخل قاعدة التنف وداخل الأردن. ما جعله يكسب مزيداً من الثقل والنفوذ على الأرض، كما أن مقاتليه يتقاضون رواتبهم من أمريكا، ويقدر عددهم بحوالي 4700 حيث رفع عديد قواته بطلب أمريكي، لكن هناك معلومات ميدانية تشير إلى وجود 25 ألف مقاتل تابع لجيش سوريا الحرة، نواته وقوامه من العشائر العربية وهناك عناصر من المنشقين من الجيش السوري السابق.
ما إن سقط النظام السوري عاد إلى نشاطه مجدداً، وفي ظل الفراغ الأمني والسياسي تضاعف نفوذه إلى ثلاثة أضعاف، والتقى قادته في مطلع العام مع أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية، لكن تم التكتم على فحوى اللقاء كلياً ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق مع الشرع لدمجهم بوزارة الدفاع.
وفق المعطيات والخارطة الميدانية، من المتوقع أن يكون لهذا الفصيل دوراً مهماً في السيطرة على كامل البادية الشامية والمشاركة مع قوات سوريا الديمقراطية في محاربة داعش ومنع هذا التنظيم الإرهابي من استعادة قوته على الأرض، ونظراً لإسناده أمريكياً فمن المحتمل أن يضاف إقليماً جديداً لمشروع التقسيم المحتمل لسوريا يكون تحت سيطرة جيش سوريا الحرة، وهو إقليم البادية ووسط سوريا وبهذا الشكل سيكون جداراً بشرياً بوجه المشروع التركي لإقامة قواعد عسكرية له في التيفور بتدمر من جهة ، ومن جهة أخرى سيشكل غطاء لممر داوود تعتمد عليه اسرائيل -الحليف الأقرب لأمريكا- في تسهيل تنفيذه.