تحليل حول الحكومة السورية الجديدة برئاسة الشرع وعلاقاتها الخارجية ومحاولات إسرائيل عرقلة عملها عبر توسيع تدخلها في الشؤون الداخلية وتصعيد اعتداءاتها على الأراضي السورية
تزامناً مع انطلاقة عمل الحكومة السورية الانتقالية الجديدة برئاسة الشرع، تلقت دمشق عدة صدمات أمنية وسياسية في وقت كانت تنتظر المكافآت الدولية لرفع العقوبات عن البلاد. غير أن إسرائيل والولايات المتحدة، وبالأصح نتنياهو وترامب، قررا عرقلة عمل الحكومة قبيل لقائهما المرتقب. فإسرائيل قصفت المطارات وتوغلت براً في عمق الأراضي السورية بريف درعا، ما أثار غضب السوريين المنقسمين. أما إدارة ترامب فقد كان لها رأي مختلف في الحكومة السورية الانتقالية عن كل دول العالم، وأبلغت واشنطن البعثة السورية في نيويورك عبر الأمم المتحدة بعدم اعترافها بالحكومة السورية، مع أن التوقعات كانت تشير إلى عكس ذلك، وإلى احتمال لقاء الرئيس ترامب مع الرئيس الشرع في الرياض… إلا أن إعلان واشنطن بصريح العبارة بعدم اعترافها بالحكومة السورية يعد انتكاسة، ويعني ببساطة وضع المزيد من العراقيل والتحديات أمام هذه الحكومة التي تحاول اتباع سياسات متوازنة وواقعية، وتسعى لعلاقات دولية حسنة مع الجميع.
وفي هذا الإطار، جاء الإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس الشرع إلى الإمارات وتركيا… لتخفيف الحملات الإعلامية التي تصور المشهد السوري برمته صراعاً بين تركيا برئاسة أردوغان وبقية دول العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الانجذاب والثقة بين الحكومة السورية وتركيا، ما أغضب إسرائيل التي بدأت تتعاطى مع النفوذ التركي في سورية كما تعاملت مع الوجود الإيراني سابقاً.
ويبدو أن إسرائيل تضمر في نفسها الشر المستطير لسورية وحكومتها، وتسعى إلى تقسيمها عبر استخدام إدارة ترامب ونفوذها لهذه الغاية… وتكريس الاحتقان الطائفي والعرقي، ومنع قوات رجال الكرامة التي يقودها الشيخ حكمت شيخ عقل الموحدين الدروز من تسليم السلاح إلى وزارة الدفاع السورية التي امتنعت حتى الآن عن رفع السلاح بوجه الدروز واختارت الحوار والتعاون.
ومع أن الحكومة لاقت انتقادات لجهة المشاركة وتمثيل المرأة لاستكمال مسار المرحلة الانتقالية، فقد اتسعت مساحة التدخلات الإسرائيلية والأمريكية على الساحة السورية. وتعاظمت التحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في ظل استمرار العقوبات التي تزيد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية سوءاً في البلاد، عدا عن الدعوات المتصاعدة من أجل الإسراع في تحقيق العدالة الانتقالية التي نص عليها الإعلان الدستوري تحت عنوان “احتواء الاحتقان الطائفي”. إلا أن الحكومة الجديدة تحاول إطلاق ورشات للحوار والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع السوري.
ورغم جهود الحكومة لإعادة عجلة الاقتصاد ورفع العقوبات ومعالجة الأوضاع الأمنية، إلا أن المهمة ليست سهلة، خاصة في ظل شح الموارد وقلة الأمطار هذا العام والعراقيل، ما يضع الوزراء الجدد رغم حماستهم للعمل أمام واقع لا ينسجم مع تطلعاتهم، خاصة في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية واتساع شبكات الجريمة ووجود جماعات مسلحة خارج إطار الدولة، كقوات سورية الديمقراطية في الجزيرة بقيادة مظلوم عبدي، حيث تقوم هذه القوات باستغلال الأوضاع في سورية لتوسيع نفوذها بحجة محاربة تنظيم داعش، الذي تتحدث التقارير الصحفية أنه يعيد تشكيل نفسه من جديد مستغلاً الفراغ الأمني والوضع الهش. وقد شاركت هذه القوات مع قوات سورية الحرة المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعمل في البادية السورية، في هجوم على مطار الضمير وأرياف دمشق ومناطق البادية، بالتزامن مع ضربات إسرائيلية وإعلان إدارة ترامب قرار رفع الرسوم الجمركية على الواردات السورية مع مواصلة العقوبات المفروضة على البلاد.