في حوار خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، تحدث المحلل السياسي حسام طالب عن أداء الحكومة السورية الجديدة، ملقياً الضوء على الفجوة الكبيرة بين التوقعات الشعبية الملحّة والواقع العملي الذي تواجهه حكومة الرئيس أحمد الشرع. جاء هذا التحليل في مرحلة حرجة تشهد فيها سورية تحولات كبرى بعد سقوط نظام الأسد، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بتحقيق إنجازات سريعة تليق بتضحيات الشعب السوري التي امتدت لسنوات طويلة.
أكد طالب أن التقييم الموضوعي لأداء الحكومة يتطلب فهماً عميقاً لطبيعة المرحلة الانتقالية الصعبة التي تمر بها البلاد، والإرث الثقيل الذي خلفه النظام السابق. فالحكومة الجديدة لم تتسلم دولة ببنية سليمة، بل ورثت مؤسسات منهكة واقتصاداً مدمراً ونسيجاً اجتماعياً ممزقاً. وأشار إلى أن النظام السابق لم يكتف بتدمير البنية التحتية بشكل ممنهج، بل عمد إلى تفكيك الروابط الاجتماعية وخلق انقسامات طائفية وعشائرية عميقة، كما أفرغ المؤسسات الحكومية من كفاءاتها وحولها إلى أدوات للقمع والفساد.
في الجانب الاقتصادي، كشف طالب عن سياسات التدمير المتعمد التي اتبعها النظام، حيث كان يجبر المزارعين على التخلص من محاصيلهم الزراعية بينما تغرق الأسواق بالمنتجات المستوردة. وأعطى مثالاً صارخاً على ذلك ما حدث في الساحل السوري، حيث أجبر المزارعون على رمي محاصيل الحمضيات في الطرقات بينما كانت الأسواق تعج بالبرتقال والليمون المستورد من مصر والأردن وحتى الصومال. كما دمر النظام عمداً قطاعات الاتصالات والنقل والطاقة في الأشهر الأخيرة من حكمه، مما خلق أزمات معقدة تواجهها الحكومة الجديدة اليوم.
ولفت طالب إلى أن النظام السابق حول مؤسسات الدولة إلى سوق للرشوة والفساد، حيث كان الوزراء يدفعون المليارات للوصول إلى مناصبهم، وكانت الرشوة تبدأ من عامل النظافة حتى رئيس الوزراء. هذا الفساد الممنهج ترك أعباء ثقيلة على عاتق الحكومة الجديدة التي تحاول إصلاح ما أفسده النظام على مدى عقود.
أوضح طالب أن فهم هذه الخلفية ضروري لتقييم أداء الحكومة الحالية، التي تعمل في ظل ظروف استثنائية وتحديات جسيمة. فالشعب السوري الذي عانى لسنوات طويلة يتوق إلى تحقيق إنجازات سريعة، بينما تواجه الحكومة واقعاً معقداً يتطلّب وقتاً وجهداً كبيرين للإصلاح. هذه الفجوة بين التوقعات الشعبية والواقع العملي تشكّل أحد أهم التحديات التي تواجهها حكومة الرئيس الشرع في مسيرتها نحو إعادة بناء الدولة السورية.