تحت هذا العنوان كتب المحلل السياسي والإعلامي سيرغي بوليتايف* مقالا نشره موقع RT بالإنجليزية تناول الوضع الراهن في الأزمة الأوكرانية وآفاق التسوية ودور الولايات المتحدة.
مع تسليح أوروبا لأوكرانيا ودفع النخب الأمريكية نحو التصعيد، ربما يكون السلام هو الشيء الوحيد الذي لا تستطيع واشنطن السماح به.
انتهى وقف إطلاق النار في عيد الفصح، وتبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشأن آلاف الانتهاكات مع استئناف القتال على الجبهات، وهو تذكير آخر بمدى صعوبة إنهاء هذه الحرب. وفي خضم تجدد الأعمال العدائية، تصطدم خطة السلام التي طال انتظارها لدونالد ترامب بالواقع الجيوسياسي على الأرض. وبرغم المحادثات السرية مع الكرملين، والضغوط المتزايدة من الحلفاء والمعارضين على حد سواء، لم يتوصل ترامب بعد إلى اتفاق لا يشبه الاستسلام، ولا يقوّض مكانته السياسية. ومع اقتراب هجوم جديد ونفاد الصبر، فإن السؤال الحقيقي الآن هو: هل السلام لا يزال مطروحا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فبشروط من؟
إن الفرق الجوهري بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسلفه جو بايدن هو أن ترامب يسعى بصدق إلى التفاوض على سلام حقيقي مع روسيا. فهو لا يرغب في إطالة أمد ما يعتبره حربا خاسرة ورثها عن بايدن، وهو مصمم على إنهائها. لكنه يعلم، في الوقت نفسه، أنه لا يستطيع قبول أي اتفاق، بمعنى أنه بحاجة إلى صيغة سلام لا تبدو هزيمة. ففي النهاية، يستعد منتقدوه لتصوير أي تسوية على أنها أفغانستان الخاصة به.
وهذا هو الإطار الذي يعمل ترامب ضمنه. وما يحفز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يمثل شاغلا رئيسيا بالنسبة له. لهذا، أرسل ترامب أحد مقربيه، ستيف ويتكوف، لاستكشاف إمكانية إبرام صفقة مع الكرملين.
وفي لقاء الأخير مع بوتين، من المرجح أن ويتكوف سمع الرسالة المتشددة نفسها التي ينشرها الزعيم الروسي علنا، وقيل إنه سمعها أيضا في مكالماته الخاصة مع ترامب: لا يمكن تحقيق سلام دائم إلا بشروط موسكو. وهو ما يعني، على أقل تقدير، إحياء اتفاقيات إسطنبول مع تنازلات إقليمية إضافية. وعلى الأكثر، يتضمن ذلك مطالب روسيا الجارفة في عام 2021 بإعادة رسم هيكل الأمن في أوروبا الشرقية، وبالتالي، عكس إرث الحرب الباردة.
يبدو أيضا أن بوتين يعتقد أنه يستطيع تحقيق الحد الأدنى من أهدافه على الأقل بالقوة الغاشمة. وسواء كان يخادع أم لا، فمن الواضح أنه يستخدم التهديد بالتصعيد للضغط على ترامب. الرسالة الضمنية تقول: هل أنت قلق من إلقاء اللوم عليك في انهيار أوكرانيا؟ يوجد طريقة واحدة لمنع ذلك: عقد صفقة معي. في المقابل، يمكن لترامب أن يحافظ على ماء وجهه، ويحقق مكاسب اقتصادية مثل “السيل الشمالي-2″، ويدعي السلام خلال فترة ولايته. في هذه الأثناء، يحصل بوتين على ما يريده حقا: ذوبان الجليد في العلاقات الأمريكية الروسية، وإنهاء العقوبات، والأهم من ذلك، إضفاء الشرعية على تصرفات روسيا في أوكرانيا. وإذا نشأت صراعات مستقبلية، فسيكون في موقف أقوى. ناهيك عن أن ذلك سيوجه ضربة للعولميين، العدو الذي يبدو أن الرجلين يشتركان فيه.
هذا هو الخطاب الذي يطرحه بوتين، وتشير جميع المؤشرات إلى أن هذا تحديدا ما ناقشه مع ويتكوف خلال لقائهما الذي استمر خمس ساعات. ويبدو أن ويتكوف، من جانبه، متفق على هذا التوجه، وهو ما صرح به خلال ظهوره على قناة “فوكس نيوز”، 15 أبريل الجاري.