كورسك تعود إلى روسيا… والرئيس بوتين يعلن النصر… وواشنطن تستبعد مجدداً أوروبا من المفاوضات حول أوكرانيا… وزيلينسكي يرفض الإقرار بهزيمته المدوية ويصبح كالملك العاري
عادت كورسك إلى روسيا وانقلب السحر على الساحر، وحشرت موسكو المزدهية بالنصر نظام كييف النازي في زاوية ضيقة ومعتمة بعد تسعة أشهر من الهجوم الأوكراني الإرهابي على المقاطعة الروسية الاستراتيجية… فما قبل تحرير كورسك التي يطلق عليها مدينة المجد العسكري الروسي ليس كما بعدها… وثمة سؤال كبير يفتح على المآلات التي ستصل إليها الحرب الأوكرانية الروسية… فهل سيكون هذا النصر بوابة للسلام؟ وهل ستكون هذه الخطوة مفتاحاً لحل الأزمة؟ وما هو دور واشنطن القادم؟؟
كورسك التي أرادها نظام كييف والناتو في آب عام 2024 أن تكون ورقة ضغط على القيادة الروسية، تحولت اليوم بتوقيت حاسم إلى قوة معنوية وإلى انتصار كامل لروسيا التي تعمل على تجميع أوراق التفاوض ميدانياً وسياسياً، فيما أصبح واقع زيلينسكي بعد تحرير كورسك والتحول في الموقف الأمريكي لصالح روسيا، وبعد المشاجرة الشهيرة بينه وبين الرئيس ترامب في البيت الأبيض، كالملك العاري بعد أن كان يتبجح ليل نهار بما حققته القوات الأوكرانية والمرتزقة في كورسك، مع أن هذه القوات استخدمت بشكل فظيع السكان المدنيين دروعاً بشرية لإعاقة تقدم القوات الروسية التي اعتمدت الحذر الشديد خلال تحرير المقاطعة التي تضم محطة نووية وتمتلك مكانة تاريخية خاصة، وقد شهدت أكبر معركة دبابات خلال الحرب العالمية الثانية ضد النازية… واليوم يعيد التاريخ نفسه من جديد…
الرئيس الروسي يهنئ المقاتلين بالنصر
ولم يكن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحرير مقاطعة كورسك الروسية بالحدث العادي، بل هو حدث هام سوف يسجله التاريخ باعتباره انتصاراً عسكرياً لروسيا وضربة معنوية وعسكرية مدوية لنظام زيلينسكي النازي الذي راح يشكك بالنصر ويشن حرباً إعلامية فارغة لتغطية خيباته وإخفاقاته الميدانية والسياسية، كالقول إن تحرير كورسك دليل على رفض روسيا للمفاوضات واستمرارها بالحرب…
الفرحة الروسية التي لا حدود لها بتحرير مقاطعة كورسك عبر عنها الرئيس بوتين بتوجيه التهنئة إلى المقاتلين والقادة والجنود الروس، معتبراً أن مغامرة نظام كييف فشلت بشكل كامل، وأن الخسائر الهائلة التي تكبدها نظام كييف على مستوى أكثر القوات تدريباً وتجهيزاً ستنعكس على جبهات القتال الأخرى، وستوفر الظروف لمزيد من العمليات الناجحة للقوات الروسية…
واليوم، بعودة كورسك وتحريرها من النازيين، ستكون عنواناً ورمزاً جديداً للكرامة والسيادة والعظمة التي يعيشها الشعب والجيش الروسيان، وستكون عودتها مفتاح الحل للأزمة الأوكرانية وتحقيق أهداف العملية العسكرية الروسية في الدونباس.
ولكن السؤال: ما هو الدور الذي ستلعبه واشنطن والرئيس ترامب لتسريع وقف الحرب؟ وكيف ستنعكس التطورات الميدانية المتسارعة على المفاوضات؟
لا شك أن التفاوض سيكون صعباً بعد الحرب الطويلة، فالأوراق التي يملكها زيلينسكي على طاولة المفاوضات مستهلكة وهي لا تسمن ولا تغني من جوع، والهزيمة المدوية في كورسك أفقدت أوكرانيا أهم ورقة تفاوضية، وهذا الواقع ربما يدفع زيلينسكي للتعنت ورفض الحلول والقول كما قال لويس الخامس عشر: “أنا وبعدي الطوفان”… وذلك لأن روسيا لا تقبل إلا بالنصر الكامل وتحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة في الدونباس، وزيلينسكي لا يستوعب حتى الآن هذه السياسة ولا يريد أن يفهمها، ولهذا كانت المشاجرة مع ترامب، وقد كان يظن أن احتلال كورسك سيجبر روسيا على التفاوض على تبادل الأراضي، ولكن هذا لم يحصل لا قبل تحرير كورسك ولا بعدها… والمفاوضات التي أجراها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في موسكو مؤخراً كانت بناءة وجيدة كما وصفها الكرملين، وكانت موسكو منذ دخول الرئيس ترامب البيت الأبيض مرتاحة على كل الأصعدة.
أما لقاء ترامب وزيلينسكي خلال تشييع قداسة البابا فرنسيس في روما، ورفض ترامب مشاركة الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء بريطانيا في اللقاء، فهو إشارة قوية على أن الرئيس ترامب لا يريد أبداً مشاركة أوروبا في المفاوضات حول أوكرانيا، وهذا يمنح موسكو قوة إضافية ويشكل عامل ضغط على بروكسل للقبول بالخطة الأمريكية ورفع العقوبات التي لا شبيه لها في التاريخ.
ومع أن اللقاء جرى في أجواء خاصة في روما وهو الأول بين ترامب وزيلينسكي بعد المشادة الكلامية الشهيرة في البيت الأبيض، إلا أن ترامب كان يدرك أهمية تحرير كورسك والزخم المعنوي الذي منحه الانتصار الجديد لروسيا وللرئيس بوتين. وفي المقابل، على زيلينسكي التوقف عن التبجح بضرورة هزيمة روسيا بعد أن أصبح عارياً، وعليه الاستسلام والقبول بالواقع الميداني، فأمريكا ترامب ترفض منحه شيكاً على بياض كما كان يفعل جو بايدن خلال السنوات الثلاث الماضية، وعليه ألا يعود إلى التفكير بالانضمام إلى الناتو، وعلى أوكرانيا والاتحاد الأوروبي الاعتراف بالأراضي التي استعادتها روسيا، وهي المقاطعات الأربعة التي تشكل 20 بالمئة من أراضي أوكرانيا، بالإضافة إلى جزيرة القرم كجزء لا يتجزأ من الوطن الروسي.
هو انتصار كبير لروسيا في توقيت قاتل بالنسبة لزيلينسكي، يشبه تسجيل هدف الفوز في مباراة قمة في الوقت المستقطع… إذ لا فرصة للتعويض… وعلى نظام كييف والاتحاد الأوروبي أن يعترفوا بالهزيمة، وأن يتذكروا للمرة الثالثة والأخيرة أن من انتصر على نابليون وهتلر سيكون من السهل عليه تحقيق النصر على زيلينسكي.