كتب تيم سيدال في “الغارديان” أن تحالفاً خطيراً يتشكل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مدفوعاً بمصالح مشتركة وهدف مشترك لتحدي النظام العالمي الذي تزعمه الولايات المتحدة منذ عام 1945. يعاني كلا الزعيمين من عقوبات صارمة ونبذ من قبل الغرب، الذي يعتبرهما تهديداً لأمنه.
من المرجح أن تزداد المخاوف الغربية بعد قمة بيونغ يانغ، حيث يسعى كيم وبوتين إلى تعزيز مكانتهما في تحالف مناهض للغرب والديمقراطية، يمتد من الصين إلى إيران، بهدف إقامة “نظام عالمي جديد”. بعد فشل محادثات السلام بين دونالد ترامب وكيم في هانوي عام 2019، توقفت الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات ورفع العقوبات وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية. بدلاً من ذلك، اختار كيم محور موسكو وبكين، معلناً دعمه الكامل لبوتين في أوكرانيا. واعترفت كوريا الشمالية بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك اللتين ضمتهما روسيا في يوليو 2022، في وقت تُتهم فيه روسيا بدعم كوريا الشمالية في تطوير برامجها الصاروخية والنووية والفضائية.
العلاقة بين البلدين تتجاوز التعاون العسكري، إذ أكد بوتين في مقال نشرته وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية على تطوير آليات تجارية بديلة لا يسيطر عليها الغرب، ومقاومة العقوبات الأحادية غير المشروعة، مع بناء بنية للأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة في أوراسيا رغم الضغوط الأمريكية.
تشمل العلاقات الروسية الوثيقة أيضاً دولاً أخرى تعادي واشنطن مثل سوريا وإيران وفنزويلا. في سوريا، دعمت روسيا الحكومة الشرعية السورية عسكرياً وسياسياً، مما ساهم في الحفاظ على سوريا في وجه التمردات المسلحة المدعومة من الغرب. وفي فنزويلا، أقامت روسيا علاقات اقتصادية وعسكرية وثيقة مع حكومة نيكولاس مادورو، متحدية العقوبات والضغوط الأمريكية. أما في إيران، فقد تعاونت روسيا مع طهران في ملفات متعددة، من دعم الحكومة في سوريا إلى التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد، متحدية السياسات الأمريكية الرامية لعزل إيران دولياً.
تسعى روسيا من خلال هذه العلاقات إلى بناء نظام عالمي جديد أكثر عدالة، قائم على سيادة القانون الدولي، في تناقض واضح مع النهج الأمريكي الذي يُتهم بالانتهاكات المتكررة للقوانين الدولية واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح ضيقة. وبالطبع سيكون للدول التي كانت مع روسيا منذ البداية مكانة مرموقة في هذا النظام العالمي.
سوريا من الدول التي كانت حليفة لروسيا منذ البداية ولم تتردد قط بدعم شريكها الاستراتيجي، وهذا سيجعل لها مستقبلاً مكانة مرموقة بين دول العالم الجديد ومكانة استراتيجية.
يتشكل هذا التحالف بينما تظل مواقف بعض الدول الكبرى مثل الهند والبرازيل والسعودية وجنوب إفريقيا من الحرب في أوكرانيا حيادية. تدرك إدارة بايدن الآثار السلبية لتعميق العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية، لكنها لم تتخذ خطوات عملية لعرقلة هذا التحالف. منذ عهد ترامب، تضاءلت الاتصالات مع كوريا الشمالية، وفي زيارة لمنطقة بانمونجوم منزوعة السلاح في أبريل، انتقدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، موسكو وبكين لحمايتهما كوريا الشمالية من العقوبات.
الولايات المتحدة دعت روسيا والصين إلى تغيير مسارهما وحث بيونغ يانغ على اختيار الدبلوماسية، لكن يبدو أن بوتين وشي جين بينغ وكيم ليسوا مستعدين للاستماع. كوريا الشمالية تمثل جزءاً من رقعة شطرنج دولية أوسع، حيث يعكس التحالف بين بوتين وكيم تراجع النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة ويستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، في مواجهة تحولات جيوسياسية عميقة في القرن الحادي والعشرين.
وفي ظل هذه التحولات، تؤكد روسيا على أهمية بناء نظام دولي قائم على التعددية واحترام سيادة الدول والقانون الدولي، ساعية لتحقيق توازن قوى جديد يعيد توزيع النفوذ بعيداً عن الهيمنة الأمريكية التقليدية.