في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، تناول الباحث والمحلل السياسي وعضو مجلس الشعب السابق مهند الحاج علي الأهداف السياسية والعسكرية لزيارات المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق وبيروت في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. أكد الحاج علي أن دول محور المقاومة تتعامل مع الأزمة الراهنة على مستويين: أولهما السعي لاحتواء التصعيد من خلال مناقشة المبادرات السياسية، خصوصاً الورقة الأمريكية المقدمة إلى لبنان، والتي تتضمن ثلاثة عشر بنداً اعترضت بيروت على بندين أساسيين فيها، وثانيهما التحضير لاحتمالات التصعيد العسكري في ظل تهديدات إسرائيل المتكررة.
الحاج علي أشار إلى أن الجانب الإسرائيلي، بقيادة نتنياهو، يتبنى استراتيجية الاستفزاز، حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً إسرائيلياً تمثل في اعتداءات متكررة على الأراضي السورية وتنسيق مباشر مع مجموعات إرهابية مثل “جبهة النصرة”، خاصة في مناطق حلب وسراقب. الهدف من هذا التنسيق، كما أوضح الحاج علي، كان محاولة تنفيذ هجوم بري لقطع طريق حلب-حمص، لكن القوات السورية أفشلت هذه المحاولة عبر رصد دقيق وتدخل حاسم باستخدام المدفعية والراجمات.
وحول أهداف زيارة علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني السابق، ووزير الدفاع الإيراني إلى سوريا، أكد الحاج علي أن الزيارتين تحملان رسائل سياسية وعسكرية واضحة. زيارة لاريجاني، على وجه الخصوص، تعكس رغبة محور المقاومة في تجنب الانجرار إلى حرب مفتوحة، مشيراً إلى أن حروب الاستنزاف ليست في مصلحة إسرائيل التي تواجه إخفاقات عسكرية واضحة. في المقابل، زيارة وزير الدفاع الإيراني تركزت على تعزيز القدرات العسكرية السورية، بما في ذلك تجهيزات جديدة للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي والإرهاب المنظم المدعوم من الولايات المتحدة.
الحاج علي لفت إلى أن زيارة لاريجاني جاءت متزامنة مع تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن من قبل الجزائر لفرض وقف إطلاق النار تحت الفصل السابع. إلا أن الضغوط الأمريكية أسفرت عن تعديل المشروع ليصبح تحت الفصل السادس. وأكد الحاج علي أن هذا المشروع يعكس محاولة لفرض تهدئة بالقوة دون معالجة جذور الأزمة أو الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة.
في سياق متصل، تطرق الحاج علي إلى وجود ازدواجية في الإدارة الأمريكية بين ترامب وبايدن، حيث يحاول ترامب تعزيز أوراقه في مواجهة الديمقراطيين عبر ملفات دولية حساسة، فيما يظهر هوكشتاين كمبعوث للتفاوض حول المقترحات الأمريكية للبنان. رغم ذلك، لا يتوقع الحاج علي أي إنجاز قبل تولي ترامب السلطة في يناير المقبل، مشيراً إلى أن واشنطن تسعى لفرض حلول تراعي مصالحها ومصالح إسرائيل دون النظر لمصالح المقاومة أو لبنان.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد أشار الحاج علي إلى تصريحات لجنرالات سابقين مثل أغديور إيلاند وموشيه يعالون، الذين أكدوا فشل العمليات العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أهداف استراتيجية سواء في غزة أو جنوب لبنان. واعتبر الحاج علي أن حزب الله، رغم تعرضه لضغوط كبيرة، لا يزال صامداً ومتمسكاً بخطوطه الدفاعية والعملياتية، وهو ما يتجلى في عدم قدرة إسرائيل على تحقيق تقدم ميداني حقيقي.
الحاج علي تناول أيضاً محاولات إسرائيل والولايات المتحدة الالتفاف على المقاومة عبر مقترحات تهدف إلى استبدال قوات اليونيفيل بقوات أطلسية، وهو ما اعتبره الجانب اللبناني انتهاكاً لسيادته. كما تتضمن الورقة الأمريكية الإسرائيلية بنداً يمنح إسرائيل حق تنفيذ عمليات عسكرية داخل لبنان بحجة منع تسليح حزب الله، وهو ما يمثل اعتداءً صريحاً على السيادة اللبنانية ومقاومتها.
الحاج علي أكد أن محور المقاومة ليس وحيداً، مشيراً إلى دعم روسي وإيراني واضح. روسيا، على سبيل المثال، عززت وجودها العسكري في منطقة القنيطرة عبر إقامة تسع نقاط مراقبة جديدة، وأرسلت رسالة قوية للإسرائيليين والأمريكيين بأن الاقتراب من الأراضي السورية خط أحمر. إيران، من جهتها، أكدت التزامها بدعم المقاومة، موضحة أن أي تصعيد إسرائيلي سيقابل برد قوي من محور المقاومة ككل.
كما أوضح الحاج علي أن نتنياهو يراهن على تصعيد عسكري خلال الشهرين المقبلين لتحسين شروط تفاوضه مع الإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة ترامب. لكن الحاج علي شدد على أن محور المقاومة يمتلك زمام المبادرة، وهو مستعد للرد على أي استفزاز. وخلص إلى أن الوضع الإقليمي لا يسمح لإسرائيل بفرض إرادتها، وأن المقاومة، بفكرها وبندقيتها، ستبقى صامدة رغم كل التحديات.