أكد الأستاذ حسام طالب، الكاتب والصحفي، في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم أن الإدارة الجديدة في سوريا تبنت نهجاً سياسياً يسعى إلى بناء دولة مواطنة وشراكة وطنية تتجاوز المفاهيم التقليدية التي كانت تحكم المشهد السياسي. وأشار إلى أن أحمد الشرع، ومنذ البداية، دعا الجميع إلى دمشق للمشاركة في إعادة بناء البلاد، متجاوزاً مقولة “من يحرر يقرر” التي طالما استخدمت لتبرير الانفراد بالقرار. هذه الدعوة جاءت لتعزز فكرة الحوار الوطني الشامل، بمشاركة كافة الأطياف السياسية داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك الشخصيات والتيارات المعارضة.
رغم هذه الجهود، لفت طالب إلى أن قوى المعارضة الخارجية لا تزال تقف على الهامش، متمسكة بشروط وضمانات تمنعها من العودة والمشاركة الفعلية. وأوضح أن هذا التوجه يهدف إلى إضعاف الإدارة الجديدة وإبقاء القرار السياسي رهناً بالخارج، ما يعزز حالة الانقسام ويعيق تحقيق الاستقرار المنشود.
وفيما يتعلق بدور التيار الإسلامي، أشار طالب إلى أن هذا التيار يمتلك قاعدة شعبية واسعة، لكنه لا يمكن أن يحقق نجاحاً حقيقياً إذا استمر في الاعتماد على أيديولوجيا تقليدية. وأكد أن المطلوب هو تطوير نهج فكري يقوم على قيم القرآن الكريم، مستشهداً بالعهدة العمرية كنموذج للتعايش الديني والمواطنة. ودعا إلى تجاوز الانقسامات الفصائلية، مشدداً على أهمية تيار إسلامي جامع، أطلق عليه وصف “التيار المحمدي”، الذي يعكس قيم التسامح والعدالة بعيداً عن المظاهر والشعارات.
من ناحية أخرى، تحدث طالب عن الثقة الشعبية التي بدأت تتشكل تجاه الإدارة الجديدة، لكنها بحاجة إلى مزيد من الإجراءات لتعزيزها بشكل دائم. وأوضح أن تنفيذ قرارات العفو وإغلاق ملفات الماضي بحزم هي خطوات أساسية لتجنب تعميق الأحقاد والانقسامات. وأكد أن النظام السابق، رغم شعاراته الكبرى، أثبت هشاشته واعتماده على الدعم الخارجي، مشيراً إلى أن شعاره حول “قيادة الدولة والمجتمع” كان دليلاً على انفصاله عن الواقع.
وعلى الصعيد الدولي، اعتبر طالب أن سرعة استقطاب الإدارة الجديدة للمجتمع الدولي تعكس أهمية سوريا الاستراتيجية. ولفت إلى أن المواقف الغربية تغيرت بعدما شاهدت أداء الإدارة وقواتها، حيث تحولت الصورة النمطية المتشددة إلى مشهد يعكس التفهم والتعاون. وأوضح أن العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا أثرت بشكل رئيسي على الشعب، بينما استفاد النظام السابق منها، مما يجعل رفع الحصار خطوة ضرورية إذا أرادت واشنطن إظهار حسن النية.
أما إقليمياً، فقد أشار طالب إلى تفاوت مواقف الدول بين الدعم والحذر. فبينما تستمر قطر وتركيا في دعم الإدارة الجديدة، تراقب السعودية والإمارات الوضع بحذر، بينما تسعى مصر إلى التعامل بحساسية تجاه المسألة بسبب ارتباطها بقضايا داخلية.
وختاماً أكد طالب على أن الإدارة الجديدة أمام فرصة حقيقية لكسب ثقة الداخل والخارج من خلال تبني سياسات واضحة، قائمة على الشفافية والشراكة. وشدد على أهمية استغلال اللحظة الراهنة لتوحيد الصفوف، متجاوزة أخطاء الماضي، من أجل بناء مستقبل يلبي طموحات السوريين.