شهدت ليلة البارحة الاثنين، الظهور الأول للسيدة الأولى في سوريا، لطيفة الشرع، زوجة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وكان ذلك خلال أدائهما مناسك العمرة في مكة المكرمة، فمن تكون؟
ليلة أمس وفجر اليوم، اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو للشرع وإلى جانبه امرأة في الحرم المكي، وخلفهما وزير خارجيته أسعد الشيباني وزوجته، وحولهم عناصر أمنية سعودية.
من هي لطيفة الشرع؟
المرأة التي كانت إلى جانب الرئيس السوري أحمد الشرع، هي زوجته لطيفة الشرع، ولاقي ظهورها العلني الأول تفاعلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بعد الشائعات التي راجت عن شكلها وملبسها.
الشائعات التي ظهرت مؤخرا، قالت إنها منقبة، غير أن لقاء منذ أيام للشرع مع وفد نسائي أميركي من أصول سورية في دمشق، شهد حضور زوجته لطيفة الدروبي فيه، وقالت بعض الحاضرات إنها كانت محجبة وهادئة، ولم تكن منقبة، لكن عدم ظهورها في الصور، جعل البعض يشكّك نوعا ما.
الآن، وبعد ظهور السيدة الأولى رفقة زوجها إبان أداء مناسك العمر تبدّد السك واتضحت الصورة. لطيفة الشرع، شابة سورية، محجبة بلباس إسلامي، وكذلك الملبس السوري التقليدي للنساء المحجبات.
وفي حوار أجرته مجلة “الإيكونوميست” البريطانية مع الرئيس السوري أحمد الشرع، جاءه سؤال على النحو التالي: “هل ستكون زوجتك هي السيدة الأولى في سوريا؟”، ليُجيب بالقول: “العُرف المتبع هو أن زوجة الرئيس تشغل هذا المنصب تلقائيا”.
“لذلك، بالطبع، إذا كان هناك منصب يُدعى (السيدة الأولى)، فلن تشغله امرأة عشوائية يتم توظيفها لهذا الغرض. لكن فهمنا لمفهوم السيدة الأولى، هو أنها خادمة للمجتمع، وليست شخصية فوق أبناء المجتمع”، أردف الشرع.
لطيفة الشرع، كانت تعرف باسم لطيفة الدروبي، كونها تنحدر من عائلة الدروبي العريقة في مدينة حمص وسط سوريا، والتي عُرفت بوجود علماء وشخصيات بارزة منها الشيخ عبدالغفار الدروبي.
تفضل لطيفة الشرع، الملابس البسيطة والأنيقة، وتظهر دائما بمظهر محجوب دون نقاب، وتعرف بشخصيتها الهادئة والبشوشة، وجاء ظهورها أمس مع الشرع في أداء مناسك العمرة، تزامنا مع الزيارة الخارجية الأولى للرئيس السوري، والتي كانت إلى السعودية، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض.
وقالت إحدى المشاركات في لقاء الوفد النسوي الأميركي السوري مع الشرع، إنه “قال ممازحا بخصوص عدد زوجاته: والله هي وحدة ما في غيرها، وما تسمعوه في السوشيال ميديا، مجرد شائعات”.
ووصفت السيدات اللواتي حضرن اللقاء لطيفة الشرع بأنها امرأة مثقفة، راقية وأنيقة، مشيدات بلباقتها وهدوئها، وبعض الحاضرات ذهبن إلى القول إنها تستحق لقب “سيدة سوريا الأولى”، نظرا لطريقة تقديم زوجها لها والدور المتوقع أن تلعبه مستقبلا.
من هي عائلة أحمد الشرع؟
أحمد الشَرع، ولد في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1982، يبلغ من العمر 43 عاما، يشغل منصب رئيس الجمهورية العربية السورية للمرحلة الانتقالية منذ 29 كانون الثاني/ يناير 2025، بعد أن قاد العمليات العسكرية لفصائل المعارضة المسلّحة التي أدَّت إلى سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وتشكيل الحكومة الانتقالية السورية في يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر المنصرم، ثم شغل منصبَ القائد الفعلي للبلاد حتى تعيينه رئيسا للمرحلة الانتقالية.
وُلِد الشرع بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية لعائلة سورية مسلمة، تنحدر من بلدة فيق الواقعة في هضبة الجَوْلان السوري المحتل، نشأ وترعرع في العاصمة السورية دمشق، في ظلِّ والده حسين علي الشَّرع، المفكِّر والباحث السوري المعروف.
ولادة أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، أتت لأن والده كان آنذاك موظفا -بصفة متعاقد- في وزارة البترول السعودية. انتقل مع عائلته عام 1989 إلى دمشق، وسكنوا في حيِّ المِزَّة غربيَّ المدينة، عمل جزئيا في طفولته في (بقالة) يملكها والدُه. تردَّد إلى جامع الشافعي في حيِّه، وفي عمر السابعة عشرة، أصبح متديّنا.
كان يختلف مع كثير من أفكار والده إلا أنه كان يتفق معه بشأن فلسطين، التي أثَّرت به إلى جانب حكاية نزوح جدِّه وأسرته من هضبة الجولان، ذكر الشرع أن الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 كان لها تأثير في توجُّهاته التي اختارها في حياته.
درس الإعلام في جامعة دمشق وكان في تلك الحقْبة يسافر يوم الجمعة من دمشق إلى حلب ليحضر خطب محمود قول آغاسي (أبي القعقاع) هناك. لم يكمل دراسته؛ فقد غادر إلى العراق عام 2003، وانضم إلى “تنظيم القاعدة” تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، ليُقاتل ضد الأميركان.
لاحقا انضم الشرع إلى “تنظيم داعش”، ثم انفصل عنه وأسّس “جبهة النصرة” في سوريا، ثم غيّرها وأسّس “هيئة تحرير الشام”، التي يتزعّمها حتى اليوم، وهي إلى الآن مُصنّفة كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن والمجتمع الدولي.
والده حسين الشرع، هو أكاديمي ومؤلف قومي عربي، كان متأثرا بأفكار الفرع العراقي لـ “حزب البعث العربي الاشتراكي”، وأفكار الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، ويوجد اتفاق واسع في المصادر المعاصرة على صحة هذا النسب.
ولد حسين الشرع في بلدة فيق في زوية حوران جنوب الجولان عام 1944 لأسرة كانت من كبار الملاك وذوي الوجاهة (ما يُعرف بـ الآغوات) في المنطقة، وشاركت في ثورة الزوية (1920- 1927م) على الاحتلال الفرنسي لسوريا.
درس حتّى الثانويّة في ثانويّة فيق، وفي عام 1963 شارك في مظاهرات بلدته المناهضة لانفصال سوريا عن مصر وانقلاب 1963 في سوريا الذي نفَّذه “حزب البعث”، واعتُقل مع عدد من أقرانه الطّلبة لمدة 4 أيّام وأُفرجَ عنهم بعد وساطات عشائريّة.
رفض حسين الشرع الانضمام للبعث وسافر إلى الأردن بغرض السفر إلى القاهرة، واعتُقل في الأردن مدة شهرٍ ونصف، وسافر بعدها إلى العراق، وهناك أكمل الثانويّة في المدرسة الإعداديّة ودرس الاقتصاد وتخرج في الجامعة عام 1969، وأيام إقامته في العراق حدثت نكسة 1967 واحتلال الجَولان وتدمير بلدته ونزوح أهلها.
سافر حسين الشرع إلى السعودية عام 1979 بعد تعاقده مع وِزارة البترول السعودية بوظيفة باحث اقتصادي، ألَّف فيها عدّة كتب تخصُّصيّة، كما كتب مقالات سياسيّة واقتصادية في جريدتي “الرياض” و”الجزيرة” السعوديتين حتى استقال من عمله عام 1988.