عرض الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى المقداد، وهو ابن مدينة درعا وعاش فيها، رؤية جديدة ومختلفة حول الأوضاع في سورية، وخاصة في درعا، خلال حديثه عن التطورات الأخيرة في البلاد. وأكد المقداد أن المفاوضات بشأن توحيد الجيش تسير بشكل جيد، مشيراً إلى حضور ممثلين عن فصائل الجنوب في احتفال النصر والتحرير الذي أدى إلى تنصيب أحمد الشرع رئيساً للبلاد.
وحول الرؤية الضبابية التي تسود سورية بعد مرور أكثر من شهرين على التحرير، اعتبر المقداد أن القضايا المطروحة تتطلب عمقاً وتحليلاً، مع ضرورة التخلص من أي خلفيات قد تؤثر على رؤيتنا لسورية الجديدة. وأشار إلى أن سورية اليوم تختلف تماماً عن سورية الأمس، التي كانت تعاني من القمع والقهر والاستبداد، بينما سورية اليوم حرة في التعبير واتخاذ المواقف.
وأوضح المقداد أن عملية تخليص سورية من النظام البائد لم تكن سهلة، بل تمت بفضل تعاون كبير بين العديد من الفصائل المسلحة التي اجتمعت تحت قيادة هيئة تحرير الشام. وأضاف أن هذا العمل استغرق سنوات من الإعداد، حيث كان لا بد من تحقيق توافق في العمل العسكري بين المجاميع المختلفة المشارب والمواقف. وأشار إلى إنشاء أكاديمية عسكرية في إدلب، والتي كانت تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، حيث تم إقامة دورات عسكرية شملت ضباطاً من جميع الفصائل في المناطق المحررة، مما ساهم في تقريب وجهات النظر وخلق عقيدة عسكرية موحدة.
اعتبر المقداد أن عقيدة الفصائل كانت قتالية في مواجهة النظام المستبد، وأن الجميع اليوم يحمل هذه العقيدة. وأشار إلى أن فصائل الجنوب ليست كثيرة، حيث يوجد فصيل كبير واحد هو فصيل أحمد العودة، بالإضافة إلى مجموعات أخرى متقاربة. ونفى المقداد المعلومات الخاطئة حول عدم انضمام فصيل أحمد العودة، مؤكداً أن الأمر مختلف وأن الجميع يضع شروطاً. وأشار إلى أن وزير الدفاع اللواء أبو قصرة أكد في لقاء مع صحيفة “وول ستريت جورنال” أن فصيل أحمد العودة لم ينضم، بينما أكد الرئيس أحمد الشرع أن التنسيق ظاهر.
وأوضح المقداد أن اللغط والضبابية حول هذا الموضوع مقصودان، مشيراً إلى أن هناك جهوداً حقيقية لتوحيد الفصائل. وأضاف أن الجامع بين جميع الفصائل هو هدف واحد، وهو التخلص من النظام المستبد، مما يستدعي الاتفاق بينها.
اعتبر المقداد أن الهدف من التجييش الإعلامي هو إبقاء الفرقة قائمة واستمرار التدخل الخارجي في سورية. وأشار إلى أن التركيز الإعلامي يتوجه نحو الجنوب، وخاصة نحو قوات أحمد العودة، التي كانت تسمى قوات شباب السنة. وأكد أن هذه القوات لم تسمح للنظام باعتقال أي شاب في درعا منذ عام 2018، مما يدل على دورها الإيجابي في حماية المدينة.
نفى المقداد الاتهامات بتعاون قوات أحمد العودة مع النظام البائد، مؤكداً أن هذه القوات لم تؤمن يوماً بأنها تحت ولاية الدولة. وأشار إلى أن هناك تنسيقاً بين القوات ومؤسسات الدولة، لكنها حافظت على استقلاليتها. وأضاف أن قوات شباب السنة حافظت على مؤسسات الدولة وأشرفت عليها، مما يعتبر تجربة إيجابية يمكن للدولة الجديدة الاستفادة منها.
أكد المقداد أن المنتصر هو من يقدم الاقتراحات، مشيراً إلى أن الجنوب وممثليه يجب أن يكونوا حاضرين في التعيينات الجديدة. وأضاف أن مشاركة قادة الفصائل في العملية السياسية يعتبر إشارة إيجابية، خاصة وأنهم قدموا الكثير من التضحيات.
أعرب المقداد عن أسفه لعدم امتلاك الإدارة الجديدة صورة واضحة عن تفاصيل العملية الإدارية، مشيراً إلى وجود عثرات في مؤسسات الدولة. وأكد أن الفساد كان منتشراً في كل المؤسسات، لكنه أشار إلى وجود أشخاص يعملون بشرف وأمانة. وأضاف أن الأزمة المعيشية زادت خلال الشهرين الماضيين، لكن الناس كانت تتحمل لأنها تخلصت من كابوس النظام.
أكد المقداد أن هناك خصوصية في السويداء، مشيراً إلى أن الفصائل هناك لها مطالب تشارك فيها. وأشار إلى أن التدخل الخارجي، وخاصة الإسرائيلي، لا يمكن إخفاؤه. وأضاف أن الفصائل الكبرى في السويداء تريد الاندماج، لكن هناك أصوات انفصالية تظهر أحياناً.
خلص المقداد إلى أن الفصائل في الجنوب متفقة على أولويات وطنية محددة، وأن الخلافات بينها هي خلافات تفصيلية. وأكد أن سورية الجديدة تواجه تحديات كبيرة، لكنها قادرة على تجاوزها بفضل التضامن والتعاون بين جميع الفصائل والمكونات.