أكد المحلل السياسي والإعلامي مصطفى المقداد خلال حوار خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم أن العملية السياسية في سورية خرجت عن إطارها الأصلي بعد التطورات الأخيرة، مشيراً إلى أن القرار الأممي 2254 لم يعد قابلاً للتطبيق بالشكل الذي كان متوقعاً. وأوضح المقداد أن الهدف الأساسي كان تسليم السلطة بشكل سلمي، لكن الأحداث الأخيرة غيّرت المعادلة تماماً.
في تفاصيل الحوار، لفت المقداد إلى أن روسيا تبقى فاعلاً رئيسياً في سورية، ولن تتخلى عن مصالحها الاستراتيجية، خاصة مع وجود قاعدتي حميميم وطرطوس، مؤكداً أن زيارة بوغدانوف إلى دمشق تعكس رغبة موسكو في الحفاظ على علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة. وأضاف أن العلاقات بين الدول تحكمها المصالح، وروسيا تدرك أن سورية تشكل نقطة ارتكاز مهمة في سياستها الإقليمية.
وعن الشرعية التي اكتسبها الرئيس الشرع، اعتبر المقداد أن الشرعية الثورية التي حصل عليها من خلال إسقاط النظام السابق هي الأساس، لكن الشرعية الشعبية والدولية تتطلب خطوات إضافية، مشيراً إلى أن بعض الفصائل المسلحة لم تشارك في عملية التنصيب، ما أضعف الشرعية الواسعة التي كان يمكن تحقيقها. وتساءل كيف يمكن للرئيس الشرع أن يحصل على الشرعية الشعبية دون التوجه مباشرة إلى الشعب.
وفي تحليله لدور الأمم المتحدة، أشار المقداد إلى أن الأمم المتحدة كانت تفضل إشراك المعارضة في عملية الانتقال السياسي، لكن الإدارة الجديدة اختارت الاعتماد على الفصائل المسلحة، مؤكداً أن هذا القرار لاقى قبولاً شعبياً، رغم الانتقادات التي وجهها البعض. وأضاف أن المسلحين لا يمكنهم إدارة الدولة بمفردهم، فهناك حاجة إلى كفاءات في جميع المجالات، من الدفاع إلى الإعلام.
وحول الموقف الأمريكي، اعتبر المقداد أن واشنطن تمنح نفسها وقتاً أطول لتحديد موقفها من الإدارة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن الزيارة الأخيرة لوفد أمريكي برئاسة باربارا ليف تعكس اهتماماً أمريكياً متزايداً بالوضع في سورية. وأكد أن العلاقة مع الولايات المتحدة ضرورية، لكنها ستكون محكومة بالحسابات الاستراتيجية وليس بالمشاعر.
وبخصوص الأزمة الأوكرانية، لفت المقداد إلى أن ترامب يسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا كجزء من سياسته الخارجية، مشيراً إلى أن هناك تكهنات حول مقايضة محتملة بين سورية وأوكرانيا، حيث قد يتم التضحية ببشار الأسد مقابل إنهاء الصراع في أوكرانيا. وأضاف أن ترامب يريد تسجيل انتصار سياسي بإنهاء الأزمات في غزة وأوكرانيا، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه روسيا وأوروبا تجعل الموقف معقداً.
وختم الحوار بالتأكيد على أن التحديات المقبلة تتطلب توحيد الجهود بين جميع الفصائل السورية، داعياً إلى إنهاء التجاوزات الفردية والجماعية التي تعيق بناء دولة قوية. وأكد أن وحدة سورية هي الهدف الأساسي، وأن أي تقاعس في مواجهة التحديات سيُبقي البلاد ساحة للصراعات الخارجية.