رغم الجهود الدبلوماسية السورية لاستعادة العلاقات مع المحيط العربي، مثل مشاركة الرئيس المؤقت أحمد الشرع في قمة القاهرة، وزيارات وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى الرياض وأنقرة، أكد الخبير محمود عبد السلام في حديث مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة فيرجن إف إم أن عقوبات قانون قيصر تشكل عائقاً جوهرياً أمام أي تقدم ملموس. وأوضح أن تجميد أموال البنك المركزي والتجاري يحول دون ضخ استثمارات عربية أو دولية لإعادة الإعمار، رغم التصريحات الداعمة من دول كالإمارات والسعودية، التي أبدت استعدادها للمساعدة لكنها عاجزة عن تجاوز العقوبات الأمريكية.
من ناحية أخرى، حلل عبد السلام التدخل الأمريكي في الشمال السوري عبر دعم “قسد”، مشيراً إلى أن واشنطن تستخدم الوجود العسكري في مناطق النفط الشرقية كورقة ضغط لفرض أجندتها. وأضاف أن السيطرة على حقول النفط لا تُضعف الاقتصاد السوري فحسب، بل تُعيق إعادة بناء مؤسسات الدولة، مما يطيل أمد الأزمة الإنسانية.
في السياق الروسي، أقرّ عبد السلام بدور موسكو العسكري في دعم النظام السابق، لكنه أشار إلى غياب رؤية اقتصادية روسية واضحة لإعادة الإعمار، حيث تُركّز موسكو على تعزيز نفوذها عبر القواعد العسكرية وصفقات السلاح، دون استثمارات كبيرة في البنى التحتية. كما تناول التقارب الروسي-الأمريكي في الملف الأوكراني، مشيراً إلى أن صفقات “المقايضة” بين بوتين وترامب قد تطال الملف السوري، حيث قد تتنازل موسكو عن دعم إيران في سوريا مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية عنها.
من جهة أخرى، انتقد عبد السلام بشدة الحادثة التي شهدها البيت الأبيض بين ترامب وزيلينسكي، واصفاً إياها بـ”انحدار غير مسبوق في أخلاقيات الدبلوماسية الدولية”، حيث استُخدمت لغة الإذلال العلني لإجبار أوكرانيا على قبول شروط واشنطن. وأشار إلى أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تعكس سياسة أمريكية جديدة تعتمد على فرض الهيمنة عبر التهديد العلني، كما حدث مع ملك الأردن خلال زيارته لواشنطن، حيث وُوجه بمواقف مهينة أمام الإعلام.
في الختام، تطرق الخبير إلى الحرب الأوكرانية وتداعياتها على سوريا، مؤكداً أن هزيمة أوكرانيا وهيمنة روسيا على جزء من أراضيها ستُعيد رسم التحالفات الدولية، حيث ستُضطر أوروبا إلى تقليص دعمها للقوى المعارضة في سوريا تحت ضغط الواقع الجيوسياسي الجديد. وأكد أن سوريا ستظل ساحة للصراع الدولي ما دامت غارقة في الفراغ الدستوري والاقتصادي، داعياً إلى عقد مؤتمر وطني شامل يُشرك جميع المكونات لوضع دستور دائم يُنهي مرحلة الانتقال الهشّ، ويُعيد للبلاد سيادتها الكاملة.