في تطور يُعدّ بارقة أمل لآلاف العائلات النازحة، تستعد الجهات الحكومية في سوريا، بالتنسيق مع عدد من المنظمات الإنسانية والتنموية، لإطلاق مرحلة جديدة من أعمال إعادة التأهيل والبناء في ريف محافظة اللاذقية، بعد سنوات من الدمار الذي طال عشرات القرى بسبب النزاع المسلح الذي شهدته البلاد.
جهود ميدانية وتحضيرات لوجستية
على مدى الأشهر الماضية، نفذت فرق ميدانية تابعة لجهات رسمية ومنظمات محلية ودولية عدداً من الدراسات التقييمية للوضع في ريف اللاذقية، شملت البنية التحتية، وحجم الأضرار في المنازل، وواقع المنشآت الخدمية من مدارس ومراكز صحية وآبار مياه، إلى جانب احتياجات السكان الراغبين في العودة.
وقد جاءت هذه الدراسات تمهيداً لانطلاق مشاريع إعادة الإعمار، التي ستُنفذ على مراحل تبدأ بتأهيل البنية التحتية الأساسية، وتوفير المرافق العامة، وتأمين الخدمات الضرورية لعودة الحياة تدريجياً.
التزام حكومي بعودة الأهالي
تندرج هذه المبادرة ضمن خطة وطنية أوسع تسعى الحكومة من خلالها إلى دعم عودة الأهالي إلى مناطقهم الأصلية، خصوصاً في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية عنيفة خلال سنوات الحرب، ما أدى إلى تهجير قسري طال أعداداً كبيرة من السكان.
وقد أكد مسؤولون محليون أن ريف اللاذقية، خاصة القرى الواقعة شمال وشرق المحافظة، يحظى بأولوية في برامج إعادة الإعمار، نظراً لحجم الدمار الكبير الذي تعرض له، وأهمية هذه المناطق في الخارطة الاجتماعية والزراعية للمنطقة.
قرى متضررة
من أبرز القرى التي سيشملها مشروع التأهيل، ربيعة وسلمى: من أكثر القرى تضرراً، وتحظى بخصوصية رمزية نظراً لموقعها الجغرافي وتاريخها في مراحل الصراع.
إضافة إلى قريتي وطى الخان ودورين، وقد شهدتا دماراً واسع النطاق، وتحتلان موقعاً استراتيجياً على سفوح جبل الأكراد، ومنه إلى جبل التركمان والمريج والكوم، وهي مناطق زراعية غنية كانت تشكل رئة غذائية للمنطقة قبل الحرب.
وصولاً إلى قسطل معاف، الكرت وساقية الكرت، الغنيمية، العوينات، القصب، ورغم أنها قرى صغيرة إلا أنها حيوية، وتسكنها عائلات عريقة تعمل في الزراعة وتربية المواشي.
التحديات أمام عودة الحياة
رغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات حقيقية تعيق العودة السريعة، أبرزها، مخلفات الحرب، من ألغام ومتفجرات غير منفجرة، ونقص التمويل الكافي لإعادة تأهيل المنازل والمنشآت بشكل شامل، والحاجة إلى برامج دعم نفسي واجتماعي للعائدين، خصوصاً الأطفال والنساء، وضمانات أمنية حقيقية تحفز السكان على العودة بثقة.
دور المنظمات
تشارك منظمات محلية ودولية في العملية التأهيلية، عبر تقديم الدعم التقني، وتوفير مواد البناء، وتنفيذ حملات توعية وتدريب مهني للسكان المستهدفين، خاصة في مجالات الزراعة والبناء والحرف اليدوية، بما يُسهم في خلق فرص عمل وتثبيت السكان.
نحو مستقبل مستقر
إعادة تأهيل ريف اللاذقية ليست مجرد عملية هندسية أو إدارية، بل هي استعادة لحياة كاملة توقفت قسراً، إن عودة الناس إلى قراهم تعني استئناف دورة الحياة، والزراعة، والتعليم، والتفاعل المجتمعي، وهو ما تحتاجه سوريا بشدة في هذه المرحلة.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info