في مشهد يجسد تلاحم السوريين وتكاتفهم، انطلقت في محافظة اللاذقية حملة وطنية شاملة تحمل اسم “بأيدينا نحييها”، بهدف إعادة الغطاء الأخضر للجبال التي التهمتها النيران، وترميم القرى المتضررة، ودعم العائلات التي فقدت منازلها وأراضيها. هذه المبادرة لم تكن مجرد رد فعل على كارثة بيئية، بل إعلان صريح عن إيمان السوريين بقدرتهم على تجاوز المحن وصناعة الأمل من بين الرماد.
لملمة الجراح
تعرضت محافظة اللاذقية خلال الأيام الأخيرة لحرائق واسعة امتدت على أكثر من 14 ألف هكتار من الغابات والمناطق الحراجية. تلك الحرائق لم تكن مجرد أزمة بيئية، بل امتحان حقيقي لصمود المجتمع وتماسكه. من وسط هذه المأساة، أطلقت الحملة من قرية قسطل معاف، الأكثر تضررًا، لتكون نقطة الانطلاق نحو إعادة الإعمار والتشجير.
اللافت في هذه الحملة هو التلاحم بين الجهود الرسمية والشعبية. فالمبادرات انطلقت من كل المحافظات، والدعم جاء من الأهالي والمتطوعين، والجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية. فرق الإطفاء وصلت من مختلف المناطق السورية، بالإضافة إلى دعم إقليمي من تركيا والأردن ولبنان وقبرص، الذين أرسلوا طائرات وفرق إطفاء للمساعدة في السيطرة على النيران.
خطة متكاملة
الحكومة السورية بدأت بوضع خطة متكاملة لإعادة تأهيل الغابات ومنع تكرار الكارثة. ثلاث غرف عمليات تتابع إخماد ما تبقى من حرائق، وتُرسم خطوط نار جديدة لتمكين فرق الدفاع المدني من التدخل السريع مستقبلًا. الخطة لا تقتصر على إخماد النيران، بل تشمل إعادة إعمار القرى، وإعادة السكان إلى منازلهم، وزراعة المناطق المتضررة من جديد.
إرادة من قلب الرماد
ما يميز حملة “بأيدينا نحييها” أنها انطلقت بينما كانت النيران لا تزال مشتعلة، في رسالة قوية بأن السوريين لا ينتظرون انتهاء الكارثة ليبدأوا البناء، بل يصنعون الحياة وسط الألم. هذه الروح هي ما جعلت المسؤولين يؤكدون أن الخريطة ستبقى مكتملة، وأن الجبال ستعود خضراء كما كانت.
ليست الحرائق نهاية القصة، بل بداية مرحلة جديدة من التكاتف والعمل الجماعي. حملة “بأيدينا نحييها” ليست مجرد مبادرة لإعادة التشجير، بل هي فعل وطني يعكس إيمان السوريين بأرضهم، وحقهم في الأمل، وتصميمهم على أن يبقوا واقفين مهما اشتدت النيران. ومع كل شجرة ستُزرع، وكل بيت سيُعاد بناؤه، تثبت سوريا أنها وطن لا يموت، بل يُولد من جديد كلما حاول الرماد أن يدفنه.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info