في خضم التحديات الاقتصادية والغذائية التي يشهدها العالم، تواصل سوريا جهودها الحثيثة لتعزيز الأمن الغذائي من خلال دعم المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح. وفي هذا السياق، تتجلى الخطوات العملية ضمن خطة المؤسسة العامة للحبوب في استقبال وتفريغ باخرة محملة بـ30 ألف طن من مادة القمح في مرفأ اللاذقية، وهي خطوة تُعزز من قدرة البلاد على مواجهة الأزمات، وتؤكد على وعي الجهات المعنية بأهمية توفير هذا المحصول الحيوي في جميع الظروف.
القمح ليس مجرد محصول زراعي، بل يمثل حجر الأساس في منظومة الأمن الغذائي، ومصدراً رئيسياً لمادة الخبز التي تُعد غذاءاً يومياً للمواطن. إن تفريغ هذه الكمية الكبيرة في مرفأ اللاذقية، بمواكبة كوادر فنية متخصصة، يدل على مدى الجدية في التعامل مع هذا الملف، وعلى السعي المستمر لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين دون انقطاع.
الحكومة، من خلال المؤسسة العامة للحبوب والجهات ذات الصلة، تبنّت خطة متكاملة لتطوير منظومة القمح من عدة جوانب، شملت تحديث صوامع التخزين، وتوسيع مراكز الحبوب في المحافظات، وتبني نظام لوجستي أكثر كفاءة في النقل والتوزيع.
من الناحية الاقتصادية، ينعكس تأمين القمح بشكل مباشر على استقرار السوق المحلية وتوازن الأسعار، ما يُقلل من الحاجة للاستيراد العشوائي أو التعامل مع أسواق غير مستقرة. كذلك، فإن توفر القمح يدعم قطاع الصناعات الغذائية، ويوفر فرص عمل ضمن سلاسل الإنتاج والنقل والتخزين.
لا يمكن تجاهل البُعد الاجتماعي لهذا التوجه، إذ أن تأمين القمح يعني بالدرجة الأولى تأمين رغيف الخبز، والذي يُعد من الحاجات الأساسية للمواطن، ويُجسد التزام الدولة بحماية الأمن الغذائي كأحد أركان الاستقرار الاجتماعي.
إن ما يجري اليوم في مرفأ اللاذقية ليس مجرد عملية تفريغ باخرة، بل هو حلقة من سلسلة جهود متكاملة تستهدف تحصين البلاد غذائيًا، وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الأزمات، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي طويل الأمد، تُبنى عليه ركائز التنمية المستدامة لمستقبل أكثر أمناً وكفاية.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info