في خضم التحضيرات للانتخابات البرلمانية المقررة، تطفو على السطح إشكاليات عميقة تتعلق بشرعية العملية الانتخابية وطبيعة المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا. وفي حوار خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم مع الدكتور إليان مسعد، رئيس وفد المعارضة في الداخل إلى مفاوضات جنيف، تم تشريح هذه الإشكاليات في إطارها الإقليمي والدولي المعقد.
يرى مسعد أن العملية الانتخابية الحالية تشبه “آلية اختيار مقننة” أكثر من كونها “انتخاباً حراً”، مستنداً في ذلك إلى معطيات واقعية تتمثل في تهجير ما يقارب 40% من السوريين، وعدم إمكانية إجراء مسح سكاني دقيق، واستمرار سيطرة فصائل مسلحة على أجزاء من البلاد. ويوضح أن النظام الانتخابي الجديد -الذي يجمع بين الانتخاب والتعيين- يمثل حلماً توافقياً لضمان تمثيل جغرافي وسياسي متوازن في ظل ظروف استثنائية.
على الصعيد الدستوري، يكشف التحليل أن الإعلان الدستوري المؤقت الحالي يشكل إطاراً هشاً للعملية السياسية، حيث يغيب الدستور الدائم والهيئة التأسيسية المنتخبة. ويشير إلى أن مجلس الشعب القادم سيواجه مهمة شبه مستحيلة في التوفيق بين متطلبات إعادة الإعمار وضمانات المصالحة الوطنية والضغوط الدولية المتناقضة.
في الإطار الاقتصادي، يحذر مسعد من مخاطر التحول الليبرالي غير المدروس، حيث أدى فتح الاستيراد إلى استنزاف احتياطي العملة الصعبة وارتفاع غير مسبوق في استهلاك الوقود بلغ 75%. ويدعو إلى تبني نموذج اقتصادي موجه يحقق التوازن بين حرية السوق وحماية الانتاج المحلي، مع التأكيد على أن المعركة الاقتصادية لا تقل أهمية عن المعركة السياسية.
ختاماً، يؤكد مسعد أن التحدي الأكبر يتمثل في تحول سوريا إلى ساحة لصراع ثلاثي بين “المخالب الإقليمية” (إيران وتركيا وإسرائيل)، بينما تحاول السلطة الانتقالية إعادة بناء الدولة على أنقاض نظام سابق دام 54 عاماً. ويبقى السؤال المركزي: هل ستتمكن سوريا من تحويل الانتخابات المقبلة من مجرد استحقاق شكلي إلى منصة حقيقية للتأسيس لعقد اجتماعي جديد، أم أن ثقل الإرث البعثي وثقل التدخلات الخارجية سيحولان دون ولادة سوريا الجديدة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ليس فقط مصير الانتخابات، بل مصير الوطن ككل.