في منعطف تاريخي حاسم، تشهد سوريا عملية انتخابية تشريعية هي الأولى بعد مرحلة التحرير، حيث تجتمع ضرورات الانتقال السياسي مع تعقيدات الواقع الاستثنائي. وفي حوار شامل لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم مع الأستاذ براء عثمان، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين وهيئة الناخبين في ريف دمشق، تم تحليل أبعاد هذه العملية وتحدياتها.
يرى عثمان أن هذه الانتخابات تشكل ضرورة ملحة لوضع الأسس التشريعية للمرحلة القادمة، مشيراً إلى أن البلاد تعاني من فراغ قانوني بعد إسقاط نظام الأسد الذي دام ستة عقود. ويوضح أن العملية الانتخابية الحالية هي “انتخابات مقيدة” وليست شاملة، تم تصميمها لتتناسب مع الواقع القائم حيث لا تزال ثلاث محافظات (الحسكة والرقة والسويداء) خارج العملية نظراً للظروف الأمنية، كما أن أكثر من ثلثي سكان حمص وريف دمشق لا يزالون مهجرين.
يكشف عثمان أن آلية الانتخابات اعتمدت على “هيئات ناخبة” تشكلت من مجالس الأعيان والبلديات التي قامت باختيار المرشحين بناء على معايير الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء للنظام السابق. ويشير إلى أن هذه الآلية تهدف إلى تعويض غياب الحياة الحزبية بعد عقود من القمع، حيث يرى أن ترخيص الأحزاب حالياً سيؤدي إلى هيمنة القوى الخارجية على المشهد السياسي.
يوضح عثمان أن المجلس التشريعي المنتخب سيعمل لمدة ثلاثين شهراً، وستتركز مهامه على وضع التشريعات الأساسية لفصل السلطات وتنظيم عمل المؤسسات، مع الاحتفاظ بسبعين مقعداً لرئيس الجمهورية لضمان تمثيل المكونات التي قد تكون غائبة. ويؤكد أن التحدي الأكبر يتمثل في بناء سلطة قضائية مستقلة بالتوازي مع العمل التشريعي.
في الختام، يشدد عثمان على أن هذه الانتخابات تمثل خطوة أولى في مسار طويل لإعادة بناء الدولة، معتبراً أن الشعب السوري الذي انتصر على “أكبر إمبراطورية ديكتاتورية في العصر الحديث” قادر على تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي. ويبقى السؤال: هل ستتمكن هذه العملية من تجاوز إرث الماضي ووضع الأسس لنظام سياسي يحقق تطلعات السوريين؟ الإجابة ستكتبها الأجيال القادمة.