
في سياق التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تأتي زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو برفقة وزراء الدفاع والخارجية ومدير المخابرات، لتمثل محطة فارقة في مسار العلاقات السورية-الروسية وإعادة تعريف التحالفات الإقليمية. وفي تحليل خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، يرى المحلل السياسي والكاتب حسام شعيب أن هذه الزيارة تحمل أبعاداً استراتيجية عميقة تتجاوز الإطار الرمزي إلى إعادة بناء التحالفات في مرحلة ما بعد التحرير.
يكشف شعيب عن الأهمية البالغة لهذه الزيارة التي تمثل الأولى منذ التحرير، مشيراً إلى أنها تأتي في إطار إعادة تمتين العلاقات مع حليف استراتيجي سابق، لكن في سياق جديد مختلف عن عهد النظام السابق. ويسجل أن روسيا تمتلك أدوات تأثير حاسمة كميزة الفيتو في مجلس الأمن الدولي، ما يمكنها من تعطيل أي قرارات دولية تخص الملف السوري.
في المحور العسكري، يحلل شعيب أن إعادة تسليح الجيش السوري وتحديث بنيته العسكرية تشكل أحد الملفات الأساسية في المفاوضات، مشدداً على أن الاعتماد على روسيا في هذا المجال يأتي نتيجة لعوامل متعددة، أبرزها امتناع الغرب عن تزويد سورية بالأسلحة المتطورة بسبب القرب الجغرافي من إسرائيل وانعدام الثقة مع الولايات المتحدة. ويسجل أن التوجه نحو موسكو يحمل حكمة كبيرة في ظل رفض الحكومة السورية للوقوع في فخ القروض الدولية وشروط البنك الدولي.
على صعيد الأمن والاستقرار، يكشف شعيب عن وجود أكثر من 600 شخصية أمنية وعسكرية سورية في موسكو، محذراً من قدرة روسيا على استخدام هذه الورقة لزعزعة الاستقرار في حال تعرضت مصالحها للتهديد. ويسجل أهمية الحفاظ على العلاقات مع موسكو لضمان عدم عودة هذه الشخصيات أو تحريكها للفوضى في الداخل السوري.
في البعد الإقليمي، يشير شعيب إلى أن العلاقة مع روسيا يمكن أن تساعد في التفاوض مع إسرائيل وتقليل الهجمات على الأراضي السورية، مستنداً في ذلك إلى العلاقات القوية بين موسكو وتل أبيب. كما يحلل التنافس بين المشاريع الإقليمية الأربعة: الخليجي العربي والتركي والإيراني والإسرائيلي، مؤكداً أن سورية استطاعت تحقيق توازن دقيق في علاقاتها مع هذه القوى.
ختاماً، يؤكد شعيب أن التحدي الأكبر يتمثل في الحفاظ على الهوية الوطنية السورية ووحدة أراضيها في وجه المحاولات التقسيمية، مشدداً على ضرورة تحصين البيت الداخلي وتعزيز العيش المشترك بين جميع المكونات. ويبقى السؤال المركزي: هل ستتمكن القيادة السورية من تحويل هذه الزيارة إلى رافعة حقيقية لتعزيز السيادة الوطنية وتحقيق المصالح الاستراتيجية في ظل توازنات إقليمية ودولية بالغة التعقيد؟

