
في سياق التحولات الإقليمية المتسارعة، تبرز المفاوضات الجارية بين الحكومة السورية وقوات “قسد” كمحطة حاسمة في مسار إعادة بناء الدولة واستكمال سيادتها على كامل الجغرافيا السورية. وفي تحليل خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، يرى المحلل السياسي حسام شعيب أن اللقاءات الأخيرة في مدينة الطبقة تشير إلى بوادر إيجابية نحو حل هذا الملف العالق.
يكشف شعيب عن وجود مخاوف متبادلة بين الطرفين، مشدداً على ضرورة أن يعمل السوريون على إزالة هذه المخاوف بأنفسهم دون الالتفات إلى الخارج، لأن الاعتماد على القوى الخارجية لا يبني أوطاناً. ويسجل أن “قسد” تمتلك ترسانة عسكرية كبيرة منها أسلحة ثقيلة يحتاجها الجيش السوري، كما أن قواتها تمتلك تدريباً عالياً بعد سنوات من الخبرة الميدانية.
في البعد الإقليمي، يحلل شعيب الدور الأمريكي في الوساطة بين الطرفين، مشيراً إلى أن واشنطن تسعى لتحقيق الاستقرار في سورية كضمانة لأمن إسرائيل. ويسجل أن الكيان الصهيوني يبدي قلقاً ملحوظاً من أي تقارب سوري-كردي، مما يفسر استمرار استهدافاته للمواقع السورية رغم تغير النظام.
على صعيد الهوية الوطنية، يؤكد شعيب أن سورية بحاجة إلى تجاوز الخلافات الإقليمية بين الشمال والجنوب والساحل، معتبراً أن أي يد خارجية تعبث في الداخل ستفشل أمام رغبة الشعب السوري في العيش المشترك. ويدعو إلى الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية الدولة، مستشهداً بتصريح الرئيس الشرع حول ضرورة هذه النقلة النوعية.
في المحور الفكري، يشير شعيب إلى خطأ النظام السابق في فرض أيديولوجيا بعثية موحدة على الشعب، مؤكداً أن العروبة الحضارية المتجددة هي هوية سورية أصيلة لا تحتاج إلى فرض. ويسجل أهمية النموذج السعودي في التعبير عن العروبة عبر الانفتاح الحضاري والتنموي، دون المساس بالثوابت الوطنية.
ختاماً، يطالب شعيب بخلق إيمان طوعي بالوطن ينبع من الذات لا بالإكراه، معتبراً أن القيادة السورية الجديدة تمتلك رؤية واضحة لبناء سورية الجديدة القائمة على التنوع والتعددية. ويبقى التحدي الأكبر في قدرة السوريين على تجاوز جراح الماضي وبناء مستقبل يحفظ كرامة جميع مكونات الشعب السوري، في ظل توازنات إقليمية ودولية بالغة التعقيد.

