
نتنياهو ووزيرا الدفاع والخارجية يدخلون الجنوب السوري في زيارة استعراضية تنتهك السيادة السورية
تصعيد إسرائيلي خطير ضد سورية.. نتنياهو يدخل الأراضي السورية المحررة في القنيطرة في زيارة استفزازية مع وزيري الدفاع والخارجية وضباط آخرين في القوة الإسرائيلية…. وحكومة نتنياهو تتراجع عن توقيع اتفاق أمني مع دمشق…
لم يخفف البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية السورية بإدانة الزيارة الاستفزازية الخطيرة على الأمن القومي السوري، التي قام بها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرا الدفاع والخارجية وعدد من مسؤولي الاحتلال إلى جنوب سورية، من هول الصدمة وكمية الغضب التي شعر بها المواطنون السوريون على امتداد الجغرافيا السورية. وما زاد الطين بلة حالة الانقسام التي تعيشها سورية والتي يستفيد منها الاحتلال ويستغلها نتنياهو لتحقيق حلم اليهود لإقامة إسرائيل الكبرى على حساب الأرض العربية وعلى حساب سورية.
لقد شعر السوريون بالصدمة والعجز وهم يتابعون الزيارة غير الشرعية لنتنياهو وهو يستبيح أرضهم ويدنس كرامتهم الوطنية بأفعاله الشنيعة التي تعد تجاوزاً وخرقاً لكل القوانين ولكل المحرمات.
ردود الفعل الشعبية كانت أكثر غضباً وشدة من رد الفعل الرسمي الذي تمثل بإصدار الخارجية السورية بياناً أدانت خلاله سورية الزيارة غير الشرعية، وجددت مطالبتها الحازمة بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وأكدت أن جميع الإجراءات التي يتخذها الاحتلال في الجنوب السوري باطلة ولاغية ولا ترتب أي أثر قانوني وفقاً للقانون الدولي….
زيارة نتنياهو إلى الجنوب السوري في ظل انعدام أي محاسبة دولية ودعم أمريكي هي رسالة واضحة إلى السوريين حكومة وشعباً بأن مطامع حكومة الاحتلال التوسعية التي كانت مخفية أصبحت تتكشف على أرض الواقع. لحد ما أعلن نتنياهو أن الوقت والظروف مناسبة لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
وفيما تمر سورية بمرحلة صعبة جراء الانقسامات والصراعات الداخلية، فإن إسرائيل تتصرف اليوم بعد حرب غزة وفق شريعة الغاب، وهدفها فتح الحرب على سورية والانتقام، واستغلال الظروف الدولية والدعم الأمريكي والانقسامات الداخلية لتنفيذ مخططها بعد أن رفضت الحكومة السورية التوقيع على تنازلات بشأن الجولان السوري المحتل والتوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية. وقد أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن سورية تختلف عن الدول التي وقعت على هذه الاتفاقيات لأن لدينا أراضي تحتلها إسرائيل.
ورغم التباينات التي ظهرت أخيراً بين حكومة نتنياهو وإدارة ترامب الجمهورية في مقاربة الملف السوري، والتي ظهرت جلياً بعد زيارة الرئيس السوري إلى واشنطن، فإن حكومة الاحتلال تستغل الانقسام بين مكونات الشعب السوري والظروف الصعبة التي تمر بها سورية بعد الحرب المدمرة التي عاشتها منذ العام 2011 لتحقيق أهدافها التوسعية وتنفيذ خططها وأطماعها في الأراضي والموارد السورية.
ومن نكد الدنيا أن حكومة نتنياهو رغم كل تصرفاتها العدوانية وشريعة الغاب التي تنتهجها في المنطقة من أعمال قتل ونهب وقصف واحتلال، فإنها تعلن رفضها للتوقيع على اتفاق أمني مع حكومة دمشق في تصعيد خطير، وذلك لأنها لم تخف يوماً مطامعها باحتلال المزيد من الأراضي السورية. ولا ننسى أن إسرائيل احتلت في العام 1967 القنيطرة، غير أن سورية حررت المدينة ودحرت الاحتلال خلال حرب تشرين عام 1973 بدعم مصري وروسي.
وقد نقلت قناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن إمكانية التوصل إلى اتفاق أمني أو تطبيع علاقات مع سوريا تراجعت بشكل كبير، وأشارت القناة إلى أن حكومة نتنياهو لا تتعرض لأي ضغوط أميركية للتوصل إلى اتفاق أمني مع سوريا… وهذه إشارة إلى أن نتنياهو لا يقيم أي حساب للقانون الدولي ولا يقيم وزناً للمواقف التي أعلنتها إدارة ترامب بشأن سورية، خاصة وأن هذه الإدارة تعتمد شعار تحقيق السلام عبر القوة.. وهذا يعطي نتنياهو المبرر والتمادي في العدوان على سورية وشعبها، خاصة وأن أمريكا تستغل الحرب على الإرهاب للتدخل في سورية التي وقعت حكومتها على اتفاقية الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش.
وفيما كان نتنياهو يتبجح بجرائمه وما حققته حكومته من انتصارات وإنجازات، فقد شكلت جلسة مجلس الأمن الدولي فرصة للدول الأعضاء، وبخاصة لروسيا والصين والجزائر، لإعلان مواقفها والتعليق على التصعيد الإسرائيلي الخطير ودخول نتنياهو إلى الجنوب السوري، والتي من ضمن أهدافها إحراج حكومة دمشق وإظهار عجزها في المحافظة على الكرامة والسيادة السورية. رغم أن ترامب أعلن مراراً أنه رفع العقوبات عن سورية لإعطاء حكومتها فرصة لتحقيق السلام والاستقرار، ويبدو أن زيارة نتنياهو للجنوب السوري توجه ضربة للحكومة السورية التي استمدت خلال أشهر الشرعية الدولية والثورية والشعبية، غير أن عجزها أمام التجاوزات الإسرائيلية وعدم الرد على التصرفات العدوانية لحكومة نتنياهو يفقد هذه الحكومة رصيدها ويزيد الضغوط عليها، لأن مسألة الكرامة الوطنية لدى السوريين، خاصة إذا ما تعلق الأمر بإسرائيل، لا يعلو عليها، ومن غير المسموح التهاون أو التساهل في الحفاظ عليها وصونها، ومن المعروف أن الدول تستمد شرعيتها من دفاعها وحفاظها على حدود الدولة ومنع أي انتهاكات تطالها…
في نيويورك داخل مجلس الأمن الدولي ترددت أصداء التصعيد الإسرائيلي الخطير ودخول نتنياهو الجنوب السوري في جولة استعراضية واستفزازية، جاءت في خضم أحداث خطيرة تمر بها المنطقة بعد حرب غزة، وبعد أسبوع من انضمام سورية إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش..
مندوب روسيا لدى مجلس الأمن إبراهيم علبي قال إن سورية تندد بالجولة الاستعراضية التي قام بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية المحتلة، وأكد إن سلامة أراضي سوريا يجب أن تكون أساس أي قرارات. وأشار إلى أن أنشطة الجماعات الإرهابية والمقاتلين الأجانب تهدد استقرار سوريا. وأكد علبي أن سورية لا تشكل تهديداً لأي دولة في المنطقة، مشيراً إلى أن إسرائيل تواصل التدخل في الشؤون الداخلية لسورية وضرب السلم الأهلي، وأشار إلى انضمام سورية إلى التحالف الدولي الذي يضم سبعين دولة لمحاربة داعش. وشدد على أن الشعب السوري أثبت للعالم صلابته وعزيمته التي لا تلين على تحقيق أهدافه، وأن الإنجازات التي حققتها سوريا خلال 11 شهراً أقرب إلى المعجزات.
وفيما أكد المندوب الصيني في مجلس الأمن أن بلاده ستواصل دعم سوريا في سعيها لفتح مسار التنمية الذي يتناسب مع تطلعاتها الوطنية، مشيراً إلى أن الجولان هي أرض محتلة ويجب أن تنسحب إسرائيل منها…
الخارجية الأردنية: اعتبرت أن دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من وزراء ومسؤولي الحكومة الإسرائيلية المتطرفة إلى أراضي الجمهورية العربية السورية انتهاك صارخ لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وخرق فاضح للقانون الدولي، وتصعيد خطير لن يسهم إلّا بمزيد من الصراع والتوتر في المنطقة.
ولا بد من الإشارة إلى أن زيارة نتنياهو جاءت بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من قيام وفد عسكري روسي كبير بزيارة مناطق الجنوب، وذلك ضمن الترتيبات الأمنية الجاري تنفيذها بين روسيا والحكومة السورية. وقد اعتبر مندوب روسيا لدى مجلس الأمن أن سلامة أراضي سوريا يجب أن تكون أساس أي قرارات تصدر عن مجلس الأمن. وأشار إلى أن أنشطة الجماعات الإرهابية والمقاتلين الأجانب تهدد استقرار سوريا.
أما مندوبة واشنطن في مجلس الأمن فقد تجاهلت الانتهاكات الإسرائيلية ودخول نتنياهو إلى الجنوب السوري، واعتبرت أن سوريا بدأت عصراً جديداً وأن بلادها ستدعم جهودها في التعافي..
هي رسالة إسرائيلية خطيرة إلى الداخل والخارج مفادها أن إسرائيل ماضية في تدمير سورية وتقسيمها، وأن المطلوب اليوم هو إعادة اللحمة الوطنية ومنع تقسيم سورية، لأن سورية الموحدة هي القادرة على الرد على الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة… وربما اعتماد حكومة دمشق على مطلب الأمن الدولي بعد اختبار لإدارة ترامب ومصداقيتها، في ظل وجود توافق دولي حول ضرورة تقديم المساعدة لسورية وحكومتها لتخطي المصاعب والتحديات والمشكلات التي تواجهها..

