في ظل التصعيد المستمر والعدوان الذي يقوم به الصهاينة، يبقى السؤال حاضرًا حول من سيدين الضربات التي تستهدف البنى التحتية في سوريا ولبنان؟ وهل يمكن أن نرى قصف القنصلية الإيرانية في دمشق أو اغتيال قادة الحرس الثوري أو في حزب الله دون رد فعل؟ وبالفعل، بقيت الولايات المتحدة الصديق الوفي لإسرائيل، مستخدمة حق النقض في أي تصويت يدين إجراءاتها، وبقاء نتنياهو في الحكم يرتبط بشكل كبير بوجودها المستمر في حالة حرب دائمة.
ومع ذلك، يظل هناك من يمكنه الرد وتحقيق تأثير على هذا التصعيد، خاصة من خلال التحركات التي يقوم بها الحوثيون، مثل المناوشات ضد السفن الأمريكية والإسرائيلية، وقصف حزب الله للمنشآت العسكرية على الحدود. هذه التحركات تسببت في تصاعد التوترات بشكل حقيقي، وحتى أدت إلى فرار المستوطنين من المناطق الحدودية.
وفي هذا السياق، قدمت الإدارة الرئاسية الأميركية رسالة سلام إلى جماعة الحوثيين في اليمن، تدعوهم إلى وقف هجماتهم على الملاحة الدولية قبالة السواحل اليمنية. وتتضمن المبادرة تقديم حوافز للحوثيين من خلال رفع الحصار عن الموانئ الرئيسية. ورغم الحملة العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها في اليمن، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن.
وكتبت أليسون (مينور)، نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، في المجلة العسكرية War On The Rocks: “مع تعثر العملية السياسية، قد يجدد الحوثيون جهودهم للسيطرة على موارد النفط والغاز في اليمن بالقوة، مستفيدين من الزخم الناتج عن هجماتهم البحرية”.
وأضافت: “يميل السياسيون الأميركيون إلى النظر إلى قضية اليمن من منظور قضايا السياسة الخارجية المباشرة: أولاً، الحرب ضد الإرهاب؛ ثم إيران؛ ثم المملكة العربية السعودية؛ والآن، قطاع غزة. وكثيرًا ما أدى هذا النهج إلى حلول جزئية، وظهور تهديدات جديدة”. ووفقا لها، لا يمكن حل مشكلة الهجمات إلا من خلال عملية سياسية يمنية داخلية.
ومع استمرار التطورات، يظل الحوثيون يستكشفون خيارات جديدة لتوسيع نطاق عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر. ورغم الهدوء المؤقت الذي شهدته المنطقة، يعزو البعض هذا الانخفاض إلى التوترات الأخيرة والتبادل غير المسبوق للضربات بين إيران وإسرائيل.
وفي هذا الصدد، قال الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية الروسية للعلوم، غريغوري لوكيانوف: “يواصل عدد كبير من الوسطاء الإقليميين بذل جهود شاملة للحد من التوترات في المنطقة، من أجل درء خطر صراع إقليمي واسع النطاق. فعلى خلفية الضربات التي تبادلتها إسرائيل وإيران، حاول عدد كبير من الجهات الإقليمية الفاعلة، إقناع الأطراف بمن فيهم الحوثيين، بصواب عدم هز القارب، حتى لا يؤدي ذلك إلى السيناريو الأكثر سلبية. والذي، أمكن تجنّبه حتى الآن”.
و”مع ذلك، يواصل الحوثيون، الآن، توجيه الضربات، كون إسرائيل لم تستجب لأي من مطالبهم: وقف العمليات القتالية في قطاع غزة، ووقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وبدء عملية التفاوض مع الانسحاب اللاحق للقوات الإسرائيلية”، بحسب لوكيانوف.
في ضوء هذا، أصبح من الواضح أن التحالف الغربي ضد الحوثيين بقيادة الولايات المتحدة فشل فشلاً ذريعاً، على الرغم من الإعلانات الأمريكية والبريطانية بقصف مواقع للحوثيين في اليمن تستمر الهجمات على السفن الأمريكية والإسرائيلية. ما عرقل الملاحة بشكل كبير لهذه السفن في مضيق هرمز. فبعد أن جربت الولايات المتحدة حل الموضوع بالقوة مثل عادتها وفشلها في الأمر، أصبحت تحاول التودد للحوثيين. لكن إلى الآن نرى استمرار الحوثيين بالهجوم على السفن المعادية بل وحتى إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار من طراز MQ9 Reaper والتي يقدر سعر الواحدة منها بـ30 مليون دولار.
لم تعد لا الولايات المتحدة ولا حلفاؤها قادرة على القضاء على القوى الإقليمية المتنوعة وحماية أمن إسرائيل. فالآن الشروط لإسرائيل واضحة: إما تتوقفون أو نستمر، وليس هناك من قادر على حمايتكم بعد الآن. فهل تصل هذه الرسالة لقادة الدولة الصهيونية؟