أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن بدء تدريبات عسكرية تشمل استخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية، وذلك رداً على التصريحات العسكرية الحادة من الجانب الغربي وتزايد التوترات الجيوسياسية. تعتبر هذه الخطوة خطوة استباقية تأكيداً لقوة روسيا واستعدادها للدفاع عن سيادتها ومصالحها الوطنية.
يشير مقال نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية إلى أن الهيئة العسكرية الروسية، بتكليف من الرئيس فلاديمير بوتين، قد بدأت الاستعدادات لتنفيذ هذه التدريبات، التي تتضمن حل “مسائل استخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية”. وفي هذا السياق، يعتبر هذا الإعلان إشارة قوية من روسيا بأنها جاهزة للرد بكل قوة على أي تهديد يمكن أن تواجهه.
ومن الملفت للانتباه أن هذه التدريبات تأتي في سياق تصاعد التوترات في منطقة الصراع الأوكراني، حيث يتزايد القلق من تداعيات التصريحات الحادة للزعماء الغربيين، بما في ذلك الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية البريطاني. وتأتي هذه الخطوة كتحذير واضح للمفكرين بالاعتداء بأن روسيا لن تتهاون في حماية مصالحها الوطنية.
وفي هذا السياق، أشار العضو المراسل في أكاديمية العلوم العسكرية ألكسندر بارتوش إلى أن تدريبات استخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية تأتي ضمن سياق دوري لمناورات روسيا العسكرية، وتعد جزءًا من الردع الروسي لأي تحديات قد تواجهها. وبهذا الصدد، تأتي التدريبات كتحذير واضح للخصوم الجيوسياسيين لروسيا بأنها لن تتردد في استخدام كل الوسائل المتاحة لحماية مصالحها. هي إشارة ولنسمه تلميح للخصوم الغربيين. فهذه التدريبات لا تحمل طابعاً استفزازياً، فهي لا تجري في المناطق المتاخمة للاتحاد الأوروبي مثلاً، بل هي أقرب للشرق الأوسط.
من جانب آخر، يعكس تصريح وزير الخارجية البريطاني بشأن استخدام أوكرانيا للصواريخ البريطانية لضرب أهداف في روسيا الانقسامات المتزايدة في الغرب بشأن المواقف المتعلقة بروسيا. وفي ضوء هذه التصريحات، قامت روسيا بدورها باتخاذ إجراءات قاسية غير مألوفة، وهذه رسالة واضحة للغرب.
يمكن أن يكون الرد الروسي على التهديدات البريطانية كما صرحت وزراة الخارجية الروسية هو ضرب أهداف بريطانية “في أوكرانيا أو خارجها”. هذه رسالة صريحة للبريطانيين أنهم ليسوا في أمان. أضف إلى ذلك الانقسام الأوروبي حول هكذا تصريحات.
يمكن أن تكون الضربة على مناطق تمركز المرتزقة، أو يمكن أن يكون الهدف سفينة بريطانية تشارك في تنسيق الاعتداءات الأوكرانية على شبه جزيرة القرم. أو يمكن أن تكون داخل بريطانيا نفسها أو في إحدى قواعدها في الشرق الأوسط مثلاً. ولا داعي أساساً أن تكون هذه الضربة بالسلاح النووي، فغالباً ستكون بالمحصلة بالسلاح التقليدي وهذا لن يقلل من أضرارها على بريطانيا.
من الملاحظ أن الخطوات التي تقوم بها روسيا تعكس استعدادها للرد بقوة على أي تهديد، دون التساهل أو التراجع. فروسيا دولة مسالمة لكن لها خطوطها الحمراء في مصالحها. مواردها العسكرية الضخمة المنتشرة داخل البلاد أو خارجها تحمل أكثر طابعاً رادعاً لمن يفكر بتجاوز هذه الخطوط. خير مثال على ذلك قاعدة حميميم الجوية في سوريا، والتي هي فعلياً وسيلة رادعة للاعبين الإقليميين ضد مصالح سواء روسيا أو حلفائها.
ففي سوريا مثلاً، التواجد الأمريكي تحت غطاء ما يسمى بـ”التحالف الدولي” يبقى في منطقته شمالي شرق سوريا، وعند محاولة الخروج من هذه المنطقة للتوسع، يأتي الرد سريعاً لتعود القوات الأمريكية إلى أوكارها. وكذلك الوضع مع الاحتلال التركي. تستخدم روسيا سياسة العصا والجزرة. فكما يقال: من لا يستمع لكلام وزارة الخارجية الروسية سيستمع حتماً لكلام وزارة الدفاع.