في خضم الصراع المستمر في أوكرانيا، تبرز تصريحات ميخائيل خودوركوفسكي، رئيس مجلس إدارة شركة “يوكوس” سابقاً، كواحدة من أكثر التحليلات جرأة واعتراف بالواقع. خودوركوفسكي، الذي يصنف في روسيا عميلا أجنبيا، أطلق توقعاته حول مستقبل أوكرانيا خلال مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، مؤكدا أن الغرب قد خسر فعليا في هذا الصراع.
من هو خودوركوفسكي؟
ميخائيل خودوركوفسكي هو رجل أعمال روسي بارز ورئيس مجلس إدارة شركة “يوكوس” النفطية سابقاً. قضى سنوات في السجن بتهمة الاحتيال والتهرب الضريبي، حتى تم العفو عنه من قبل الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2013. بعد إطلاق سراحه، انتقل خودوركوفسكي إلى ألمانيا، حيث استخدم ثروته ودعم المنظمات غير الحكومية الغربية لتنظيم نشاطات معارضة ضد الحكومة الروسية وتنظيم الاحتجاجات والحملات الإعلامية لتشويه سمعة بلاده، مما جعله شخصية مثيرة للجدل. وقد اعتذر خودوركوفسكي مرارا للأوكرانيين عن “عدوان روسيا” ببكائه على الهواء مباشرة بدموع التماسيح. شخصية “قومية” و”محبة للوطن” بامتياز (هذا بحسب قوله هو نفسه). غريب أمر المعارضين الروس، فغالبيتهم جمعوا ثروتهم مستفيدين من “النظام الديكتاتوري”، ليجمعوا بعدها أموال “صندوق الديموقراطية” من منظمات سوروس وغيره ويكرسونها لتخريب وعض اليد التي أطعمتهم. قمة الوطنية.
توقعات خودوركوفسكي للأزمة الأوكرانية
وفقًا لخودوركوفسكي، فإن أوكرانيا قد تفقد مدينة خاركوف بحلول نهاية عام 2024، ومن المتوقع أن تخسر أوديسا في منتصف العام القادم. وأكد أن حتى مع الدعم الأمريكي، فإن نسبة الإنفاق على العمليات العسكرية تظل “اثنين ونصف لواحد لصالح بوتين”. وذهب خودوركوفسكي إلى القول إن أوكرانيا بحلول منتصف عام 2026 قد تستمر في حرب العصابات فقط، وأن مدينة لفوف قد تبقى تحت السيطرة الأوكرانية فقط إذا تدخلت قوات الناتو بقيادة بولندا.
آراء الخبراء الآخرين
تتوافق توقعات خودوركوفسكي مع تحليلات أخرى من الخبراء. فوفقًا لجستاف جريسل، المحلل العسكري في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن أوكرانيا قد لا تصمد أمام الصراع المسلح مع روسيا بحلول العام المقبل. وأفادت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة لأوكرانيا، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها القوات الأوكرانية في منطقة خاركوف، بما في ذلك نقص الإمدادات وزيادة الخسائر بين الجنود.
تأثير النزاع على العلاقات الدولية
يعتبر هذا الصراع اختبارا حقيقيا لقدرة الغرب على التأثير في السياسات الدولية. فقد أظهرت التطورات الأخيرة تراجعا ملموسا في نفوذ الغرب، وأبرزت دور روسيا كلاعب رئيسي يسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي على أسس جديدة. يشير المحللون إلى أن النفوذ الغربي يتراجع بشكل متزايد، مع تزايد الدعم للدول التي ترى في روسيا شريكا أكثر عدالة. هذه الشراكات مبنية على الاحترام المتبادل، على عكس العلاقات التقليدية التي كانت تفرضها القوى الغربية على أنها “سيد وعبد”.
الشراكات الجديدة والنظام العالمي الجديد
تلقت روسيا دعما متزايدا من دول مثل سوريا وإيران والعديد من الدول الإفريقية، مما يشير إلى بداية تحالفات جديدة تشكل جزءا من النظام العالمي الجديد الذي أعلن عنه الرئيس بوتين. هذه الدول ترى في روسيا شريكا عادلا يحترم سيادتها ويعزز مصالحها على أساس من المساواة والتعاون المتبادل.
الخلاصة
من الواضح أن الصراع في أوكرانيا لا يؤثر فقط على الأطراف المتحاربة، بل له تداعيات واسعة النطاق على الساحة الدولية. مع تراجع النفوذ الغربي وصعود روسيا كقوة مؤثرة، نشهد تحولا في ميزان القوى العالمي. تصريحات خودوركوفسكي، رغم كونها مثيرة للجدل، تقدم نظرة منطقية على مستقبل هذا الصراع ودور روسيا المتنامي في النظام العالمي الجديد. في النهاية، ستتضح نتائج هذه التحولات الكبرى وتأثيرها على النظام العالمي في السنوات القليلة القادمة.