“صار العيد بلا عيدية”، عبارة يقولها العديد من الأهالي في سورية بعد أن تحولت هدية العيد النقدية إلى عادة قديمة لم تعد تجدي نفعاً هذه الأيام في ظل الغلاء المعيشي، وتخلي معظم العائلات عن العادات والتقاليد “المكلفة” نوعاً ما.
“أولادي لا ينتظرون العيدية”، تقول أم سليمان لـ”شبكة أخبار الشام”: إن أطفالي الثلاثة ولدوا خلال سنوات الحرب التي تمر بها بلادنا، وظروفنا لا تزال سيئة ولم نحتفل بالأعياد التي مرت بتلك الطرق التي ربينا عليها نحن الأهل، إذ تقتصر العيدية عند أطفالي على قول كل عام وأنتم بخير، فلا خرجية العيد ولا هم يعيدون!.
من جهتها رأت ابتسام أن الأعياد في سورية تغيرت خلال العقد الأخير من الزمن، إذ باتت الطقوس عبارة عن زيارات أهل “على قدها” ولم يعد الجد والجدة في وارد إعطاء عيدية نقدية للأحفاد، لذا باتت هذه الأمور عبئاً بالمصروف على الجميع ولا مجال لصرفها خاصة أن القيمة النقدية من فئة ألف و2 ألف ليرة لا تشتري للطفل شيئاً، غير أنها كانت “محرزة” في زماننا.
وأردفت بأن والدتها كانت تعطيها وأخوتها الثلاثة 500 ليرة لكل منهم كعيدية بمجموع 2 ألف ليرة، وكانت القيمة لها كافية لشراء “لعوبة وسكاكر العيد بما يكفي” أما الآن فماذا تشتري الـ500 ليرة! لا شيء، منوهة بأن عدم معرفة الأطفال بالعيدية بات يؤثر على الترابط الأسري لناحية أن صباح العيد كان يختلف بشكل كبير بين الماضي والحاضر.
وتشارك والدتها “جدة الأطفال” بالحديث، قائلة إن العيدية كانت بالأول (الزمن القديم) تعبر عن معنى الفرح بالعيد لأطفالنا الذي كانوا ينتظرون طلوع الضو (إشراق الصباح) ليأخذوا العيدية من والدهم وجدهم، وتجتمع الأسرة بين الأباء والأبناء والأحفاد في صبحية العيد، ويجمع الأحفاد العيدية من الكبار وكانت تشتري لهم ما يشتهون من معروضات المحال في حيينا الشعبي من مستلزمات العيد للأطفال “كريجة وعصا ملونة وأقنعة كرتونية وحتى مفرقعات العيد، أما اليوم فأي خرجية ستكفي لكل هذه المشتريات لا شك أنها باتت تحتاج لراتب شهري لكل طفل وهذا خارج مقدور أي موظف من ذوي الدخل المحدود مع الأسف.
وأشارت إلى أن تغيّر العادات واقتصار العيد على بضع كلمات جعلت الأطفال يفقدون نكهة الاجتماع في منزل الجدّين مع فقدان هذه العادات وتشتت الأبناء بين سفر وغربة وغيرها من ظروف اجتماعية، وبات العيد يختلف حالياً عن الماضي الذي عشناه وكنا نعرف فيه معنى أول أيام العيد بشكل خاص، وهذا الجيل للأسف يفقد هذه العادات بسبب الظروف المحيطة بشكل عام.
ويعد أول أيام العيد سواء الفطر السعيد أو الضحى المبارك، رمزاً اجتماعياً لمعظم الأسر السورية، إذ كانت تجتمع كل عائلة عند منزل الجد ويأكلون حلويات العيد ويأخذ الأطفال العيدية وهي عبارة عن قيمة نقدية كانت كافية لإسعادهم وشراء ما يلزمهم وما يجعلهم فرحين مع أقرانهم طيلة أيام العيد.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info