في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أكد المحلل السياسي مصطفى المقداد، نائب رئيس اتحاد الصحفيين السوريين، أن تقدم اليمين في أوروبا، وخاصة في فرنسا، له تأثير كبير على المنطقة والعالم. أشار المقداد إلى أن أوروبا، التي خرجت من الحرب العالمية الثانية وأجبرت على التوحد اقتصاديًا لتزيل الفروقات بينها، تواجه الآن تغيرات فكرية ومعارضة شديدة للأجانب والمهاجرين، ما يعيد إلى الأذهان النزعات الإمبراطورية القديمة.
أوضح المقداد أن حزب جان ماري لوبان، والد ماري لوبان، كان منذ عشرات السنين يدعو إلى إعادة بناء فرنسا بقوتها وعظمتها، وهو ما يتماشى مع التطورات الفكرية الحالية في فرنسا وألمانيا، التي تطالب بعودة الأمجاد الإمبراطورية. ذكر المقداد أن أوروبا الغربية توحدت بضغوط أمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن مع صعود ترامب وإمكانية عودته للرئاسة، قد تتخلى الولايات المتحدة عن دعمها لأوروبا، ما يعزز النزعة القومية داخل القارة.
وأشار المقداد إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان بداية لانهيار الاتحاد، وأن دولًا أخرى مثل فرنسا واليونان قد تتبعها قريبًا. في هذا السياق، أكد المقداد أن أوروبا تفتقر اليوم إلى القادة العظماء الذين كان لهم دور كبير في الماضي، مثل هلمت كول في ألمانيا وديغول في فرنسا. في ظل هذا الفراغ القيادي، قد تواجه أوروبا تحديات كبيرة في الحفاظ على وحدتها الاقتصادية والسياسية.
تطرق المقداد أيضًا إلى فشل محاولات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للمنطقة في عام 2010، التي تحدث فيها عن التعاون بين الحضارات، لم تؤتِ ثمارها. بدلاً من ذلك، نشهد اليوم عودة لصراع الحضارات والقوى بين الذين يريدون الحفاظ على أوروبا الليبرالية وتوسيع الاتحاد الأوروبي، وأولئك الذين يروجون لمشروع أوروبا الدولة القوية.
على المستوى الشعبي، أشار المقداد إلى أن الدول الفقيرة داخل الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا، تعاني من تبعات الدخول في الاتحاد، حيث تضطر الدول الغنية مثل ألمانيا إلى تقديم مليارات اليوروات لتحقيق التوازن. هذه التحولات الاقتصادية والسياسية قد تؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الأزمات العالمية، مثل الأزمة في أوكرانيا.
وأكد المقداد أن الانتصار الروسي في أوكرانيا حتمي ومحقق، مستشهدًا بتصريحات ماري لوبان التي تعارض دعم فرنسا لأوكرانيا وتدعو إلى تسوية سياسية. أما بالنسبة لفلسطين، فقد أشار إلى أن الدعم الحكومي للصهاينة لا يزال قويًا، ولكن على المستوى الشعبي بدأت التغيرات تظهر بفضل الإعلام والصور التي تنقل المجازر الإسرائيلية، مما يساهم في تغيير الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية.
أخيرًا، أكد المقداد أن التغيرات الجارية في أوروبا، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي، قد تترك آثارًا عميقة على الشرق الأوسط، مع استمرار التحديات والتطورات التي تواجهها المنطقة.