لم تكن قمة الناتو في واشنطن بمناسبة مرور 75 عاما على تاسيس هذا الحلف وما نتج عنها من قرارات وتصعيد غير مسبوق ضد روسيا والصين قمة عادية خاصة وانها تزامنت مع حملة الرئيس الامريكي جوبايدن الانتخابية لولاية ثانية وسط شكوك بقدراته العقلية والصحية حيث انه يخلط بين العدو والصديق ولايفرق بينهما الا ان قمة الناتو تحولت الى استعراض سياسي واعلامي بحضور امين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ حيث استقبل الرئيس بايدن في واشنطن وعلى غير العادة ليس اعضاء حلف شمال الاطلسي الناتو فحسب بل استقبل ايضا اعضاء ما يسمى حلف الناتو الاسيوي اليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا واستراليا وهذه الدول الاربعة لديها عدو مشترك هو الصين والهدف من استدراجها الى واشنطن هو الخوف الكبير من التحالف الروسي الصيني الذي وصل الى مراحل متقدمة في وقت تريد واشنطن نقل المعركة الى منطقة المحيطين الهادي والهندي لتطويق الصين بهذا الحلف الجديد ودعم تايون وانفصالها عن الوطن الام
ولم يكن الحضور والاستعراض الا جزءا من الحملة الانتخابية للرئيس بايدن ولكنه مع ذلك خلط بين العدو والصديق وقدم الرئيس الاوكراني زيلينسكي امام قمة الناتو على انه الرئيس بوتين وسط دهشة الحاضرين ومع هذه الهفوة القاتلة في تلك اللحظة الا ان بايدن ظهر امام قمة الناتو بشكل افضل مما كان يظهر قبل ذلك وبخاصة خلال المناظرة مع ترامب وهي المناظرة القشة التي قصمت ظهر البعير وكشفت عمق الازمة والتعب والضعف الذي يعاني منه بايدن …
القرارات التي اتخذها حلف الناتو بدعم اوكرانيا ماليا وسياسيا بانها في الطريق للانضمام الى الناتو وتزويدها بالاسلحة المتطورة كطائرات اف 16 الامريكية وتخصيص 40 مليار دولار كمساعدات للمرحلة القادمة وتدريب الاوكرانيين ونشر اسلحة جديدة في بولندا كل هذا كان متوقعا وطبيعيا ولكن اعلان الناتو عن نشر صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوس نووية في المانيا لم يترك للصلح مكانا بين موسكووواشنطن ولم يترك للحوار مساحة بين الدولتين العظميين فاذا بنائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف يعلق على هذا القرار العدواني الخطير بالقول ان هذا القرار يعني ان تزول اوكرانيا او يزول الناتو وربما الاثنان معا فيما استهجن القادة الروس على كافة المستويات هذا القرار المشين والذي يعني ان بايدن والمستشار الالماني اولاف شولتز يريدان اشعال حرب عالمية ثالثة ..
الرئيس بوتين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان الحاضر الغائب في قمة واشنطن وقد اصبح واضحا لدى الجميع انه القائد الذي يجهز بروية ودقة كل الادوات اللازمة لاقامة نظام عالمي جديد بتحالفات وهيئات ومنظمات سياسية واقتصادية وامنية وعسكرية وانه لايزال يشتغل على اقامة هذا النظام وهذه الهيئات منذ عشرين عاما كمنظمة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون وهما منظمتان لهما طابع امني واقتصادي وسياسي ومالي بالتعاون مع الصين وقد تجلى هذا التعاون ونتائجه الايجابية من خلال الازمة في سورية ووقوف بكين وموسكو الى جانب دمشق ومنع الغرب من السيطرة عليها وقد تحولت البريكس وشنغهاي بسبب المواجهة المتصاعدة بين الناتو وكل من روسيا والصين في اوكرانيا وتايون الى تحالف متين يقف سدا منيعا في وجه الناتو ويخيفه ويرعبه ولا يدع قادته ينامون ..
قرار نشر اسلحة امريكية نووية في المانيا وصواريخ بعيد المدى وتزويد اوكرانيا بانظمة صواريخ امريكية جديدة يعد تصعيد خطيرا وويهدد باشعال حرب عالمية خاصة وان روسيا اعلنت مرارا وتكرارا رغبتها في الحوار وقدم الرئيس بوتين مبادرة حازت على تقدير معظم دول العالم للحوار والمفاوضات مع اوكرانيا ولكن الرئيس بايدن الذي يبني حملته الانتخابية على شعارات شوفينية مفرطة في العداء لروسيا وللرئيس بوتين اعلن خلال قمة واشنطن من باب التباهي والعنجهية والمناكفة ان الوقت غير مناسب للحوار مع روسيا وللقاء الرئيس بوتين وكل هذه الاجراءات والقرارات والتصرفات العدوانية من جانب ادارة بايدن تشكل تهديدا مباشرا لروسيا وللامن القومي الروسي وهي محاولة لتغطية عقدة النقص التي يشعر بها الغرب بعد فشل حلف الناتو وضعفه امام روسيا التي حققت انجازات ونجاحات ميدانية وسياسية رغم كل ما تتلاقاه اوكرانيا من دعم من قبل الغرب خصوصا وان الجيش الروسي لايزال يسيطر على الاجواء وعلى الارض في كافة الجبهات فالاسلحة الروسية لا قبل للغرب بمواجهتها وقرار المانيا لنشر صواريخ بعيدة امريكية على اراضيها سيكون بمثابة اعلان حرب على روسيا وربما يؤدي
لاشك ان الرئيس بوتين استبق قمة الناتو وقراراتها بالقمم الاربعة التي عقدها في بكين مع الرئيس شي جين بينغ وفي استانا مع اعضاء منظمة شنغهاي وفي موسكو مع رئيس وزراء الهند ناريندا مودي وفي بيونغ يانغ مع الرئيس كيم جونغ اون وهذا القمم التي لها طابع قمم تاريخية وتم خلالها التوقيع على اتفاقيات استراتيجية شاملة اضافة الى اطلاق مبادرة السلام في اوكرانيا وكل ذلك دليل قاطع على ان الادوات التي يمتلكها الروس لمواصلة المواجه والحرب مع الغرب لايمكن حصرها وان الخيارات امام روسيا مفتوحة وكل القرارات التي اتخذها الناتو والتي ترفض الحوار مع موسكو وتدعو الى مواصلة القتال في اوكرانيا والى ضرورة العمل لانضمام اوكرانيا الى الناتو ونشر اسلحة في بولندا والمانيا وتهديد الامن القوي الروسي كل هذه القرارات لاتغير من الصورة الضعيفة للناتو ولا من الرواية الشريرة التي يروجها بالكذب والنفاق ولاتكفي ايضا لدعم حملة بايدن الانتخابية فبايدن يتراجع ويفشل مع كل صباح ومساء ولن تغير قرارات الناتو العدوانية وتصريحات بايدن من صورة الضعف والوهن التي ارتسمت في اذهان الملايين حول العالم بشان الحلف ليس بسبب خفة عقل بايدن وخلطه العدو بالصديق والحابل بالنابل وانما بسبب المواقف العقلانية والصادقة والدقيقة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه كافة القضايا الدولية وهو يمضي مع الصين وبخطوات مدروسة منذ مجيئه الى السلطة من اجل اتمام مشروعه الكوني باقامة نظام عالمي جديد يحل محل الهيمنة الامريكية وحلف الناتو وهذا النظام العالمي الجديد الذي تشترك في انشائه وصنعه روسيا والصين وقد التقى الرئيسان حتى الان 40 مرة سيرسل لشعوب العالم بارقة من الامل والاطمئنان لانهاء عصر الهيمنة الامريكية في وقت بدأت عدة ولايات امريكا تطالب بالانفصال عن الولايات المتحدة ..