في سياق الجدل الدائر حول العلاقة بين السياسة الأمريكية والتحركات الإسرائيلية، اعتبر الباحث السياسي وعضو مجلس الشعب السابق، مهند الحاج علي، خلال حديثه لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أن هنالك ثلاث “أمريكيات” وليس واحدة اليوم. فهناك رأي الجمهوريين، ورأي الديمقراطيين، ورأي الحكومة الأمريكية العميقة، التي تسيطر على كل شيء في البلاد. يرى الحاج علي أن هذه الحكومة تسعى حالياً للحفاظ على الوضع القائم، بينما يسعى الديمقراطيون لتحقيق وقف إطلاق نار، وذلك لتعزيز موقفهم الانتخابي، خاصة أمام الجالية العربية في الولايات المتحدة، إذ سيكونون قادرين على تسويق أنفسهم كصناع سلام في غزة.
من جهة أخرى، يشير الحاج علي إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تدير الصراع بشكل يضمن استمرار استنزاف الطرفين، بانتظار أن تتضح هوية الرئيس الأمريكي المقبل. فإذا كان جمهورياً ستتغير السياسة باتجاه معين، وإذا كان ديمقراطياً، فستأخذ المسار الآخر. ويظل الخلاف واضحاً في التوجهات بين الأطراف الثلاثة، حيث تسعى الحكومة العميقة لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة عبر استغلال التفوق العسكري الإسرائيلي. في المقابل، لا يستطيع الديمقراطيون تجاوز نتنياهو أو إغضابه بسبب حاجة بايدن لأصوات الجالية الإسرائيلية في الانتخابات المقبلة.
وعند الحديث عن تدخل أمريكي محتمل لإنقاذ إسرائيل من مأزقها الحالي، خاصة بعد خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، يؤكد الحاج علي أن الولايات المتحدة لن تتدخل إلا إذا شعرت بخطر وجودي يهدد إسرائيل. ويشير إلى أن محور المقاومة، وعلى الرغم من قدرته الكبيرة، يفضل حرب الاستنزاف الطويلة التي تؤدي إلى تآكل الروح المعنوية للمستوطنين الإسرائيليين، مما قد يدفعهم إلى الهجرة من الكيان الصهيوني.
ويضيف الحاج علي أن استراتيجية المقاومة تعتمد على إضعاف الكيان تدريجياً من الداخل عبر إلحاق خسائر معنوية وديمغرافية تؤدي إلى انعدام الثقة بين الإسرائيليين وكيانهم. ويؤكد أن الولايات المتحدة تلوم نتنياهو على إطالة أمد الحرب وعدم حسمها سريعاً، حيث أن البنية النفسية والديمغرافية لإسرائيل قد تتأثر بشكل كبير في حال استمرار هذه الحرب لفترة طويلة دون تحقيق انتصارات ملموسة.
وفي سياق آخر، يشير الحاج علي إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى توسيع نطاق الحرب باتجاه سوريا أو اليمن أو العراق، بهدف دفع حلفاء هذه الدول للتدخل وإجبارهم على التفاوض، وربما السعي لفرض وقف إطلاق نار عبر مجلس الأمن. ويضيف أن هذا التكتيك يهدف إلى دفع الأطراف الإقليمية إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مما قد يؤدي إلى استنزافهم أيضاً.
فيما يتعلق بتصريحات الشيخ نعيم قاسم حول إمكانية قيام قوة الرضوان بعملية داخل فلسطين المحتلة، يؤكد الحاج علي أن المقاومة في حالة جيدة، وأن عدم دخول فرقة الرضوان حتى الآن يعكس استعداداً كاملاً لشن هجوم في الوقت المناسب. ويشير إلى أن المقاومة تستفيد من الانتشار الواسع لمقاتليها، والقدرة على التخطيط الاستراتيجي في الميدان، مما يمكنها من التكيف مع أي تطورات على الأرض.
وفيما يتعلق بتأثير الحرب على إسرائيل على المدى البعيد، يعتقد الحاج علي أن الوضع الحالي يشبه معركة عام 1948، حيث تُعتبر هذه المرحلة مفصلية في الصراع، وقد تحدد مستقبل الكيان الإسرائيلي. ويؤكد أن قيادة محور المقاومة مصممة على الانتصار في هذه المعركة، ولا توجد حلول وسط، كما أن المقاومة تضع في حساباتها كل السيناريوهات الممكنة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
وفي ختام حديثه، أشار الحاج علي إلى أن السياسة الأمريكية تجاه إيران، رغم اختلاف التكتيكات بين الجمهوريين والديمقراطيين، تظل تهدف إلى إضعاف إيران وحلفائها، سواء عبر الحروب الاقتصادية أو النزاعات بالوكالة. وأضاف أن دخول إيران المباشر في الصراع يمثل تحولاً استراتيجياً يربك الحسابات الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء، وقد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة.