في حديث عبر شبكة أخبار الشام على إذاعة ميلودي إف إم، تطرق ياسر المصري، عضو اللجنة المركزية في حركة فتح الانتفاضة، إلى القائد يحيى السنوار ودوره الكبير في نضال الشعب الفلسطيني. أكد المصري أن يحيى السنوار لم يكن مجرد قائد عادي، بل كان شخصية فريدة من نوعها. فهو رجل عاش تجربة السجون والاعتقال، حيث بقي صامدا في وجه ضغوط الاحتلال. رفض السنوار أي مساومة على حقوقه الوطنية، مما جعله رمزا للصمود والمقاومة في عيون الفلسطينيين. وبهذا السياق، لفت المصري إلى دور السنوار في إدارة المقاومة بشكل استراتيجي وتكتيكي، إذ استطاع بناء علاقات وثيقة مع مختلف فصائل المقاومة، مؤكدا أن السنوار نجح في بناء شبكة قوية من التحالفات التي أثبتت فعالية كبيرة في مواجهة الاحتلال.
أحد الأحداث اللافتة التي سلط عليها المصري الضوء هو نشر كيان الاحتلال لفيديو استشهاد السنوار، وهو الحدث الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الفلسطينية والدولية. أوضح المصري أن الاحتلال كان يهدف من خلال هذا الفيديو إلى إظهار السنوار كقائد مختبئ في الأنفاق بعيد عن الميدان. لكن الفيديو، بحسب المصري، أظهر السنوار بشكل مغاير تماما، فقد كان في قلب المعركة، يشتبك مع الجنود وجها لوجه. وقبل أن يستشهد، استطاع السنوار إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين، مما يعكس شجاعة كبيرة وروحا قتالية عالية. وبهذا، أظهر السنوار مثالا حيا على المقاومة الحقيقية، وهي الصورة التي حاول الاحتلال طمسها عبر وسائل الإعلام.
في سياق متصل، أشار المصري إلى أن يحيى السنوار كان من أبرز العقول المدبرة لعملية “طوفان الأقصى”، إلى جانب القائد العسكري محمد ضيف. وقال المصري إن هذه العملية، التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر، كانت مفاجأة من العيار الثقيل، حتى للمقربين من المكتب السياسي لحماس. وأضاف أن العملية تمت بسرية تامة، مما يعكس قدرة هائلة على التخطيط والتنفيذ. المصري أوضح أيضا أن تصريحات السيد حسن نصر الله التي أشار فيها إلى تفاجؤه بعملية طوفان الأقصى تؤكد على مدى السرية التي تم اتباعها في التحضير لهذه العملية.
من بين النقاط التي أثارها المصري أيضا هو الفشل الاستخباراتي لكيان الاحتلال في رصد تحضيرات هذه العملية. فقد استطاعت المقاومة، بقيادة السنوار وضيف، اختراق الحواجز الأمنية ووصلت إلى قلب المستوطنات الإسرائيلية في غزة. وبهذا، نجحت في كسر الخطوط الدفاعية التي طالما افتخر بها الاحتلال. أشار المصري إلى أن هذا الاختراق يمثل فشلا ذريعا لشبكات التجسس الإسرائيلية التي لطالما ادعت قدرتها على مراقبة أي تحرك فلسطيني. وعندما وصلت المقاومة إلى القاعدة العسكرية الإسرائيلية، كانت هذه لحظة فاصلة في تاريخ الصراع، حيث أظهرت أن الاحتلال لم يعد قادرا على تأمين مواقعه العسكرية.
المصري أضاف أن عملية السابع من أكتوبر لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت نقطة تحول استراتيجية في الصراع مع الاحتلال. فقد أثرت هذه العملية على معنويات الاحتلال بشكل كبير، وأدخلت الكيان في حالة من الفوضى وعدم اليقين. ورد الفعل الإسرائيلي السريع الذي تضمن استدعاء الدعم من الولايات المتحدة وأوروبا يعكس مدى القلق الذي أثارته العملية في صفوف قادة الاحتلال. الرئيس الأمريكي جو بايدن كان من أوائل القادة الغربيين الذين سارعوا لإظهار دعمهم المطلق لإسرائيل في مواجهة ما وصفوه بالتهديد الوجودي.
وفي هذا الإطار، تحدث المصري عن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد العملية، والتي وصف فيها المعركة بأنها “معركة وجود”. وأكد المصري أن هذا الوصف يعكس حالة الذعر التي يعيشها الاحتلال بعد هذه الضربة الكبيرة، التي لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل رسالة سياسية وعسكرية واضحة. الاحتلال بات يشعر بأن وجوده في المنطقة أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى، مما دفعه إلى تصعيد العدوان على غزة وباقي الأراضي الفلسطينية.
وأضاف المصري أن عملية طوفان الأقصى قسمت المجتمع الإسرائيلي وأحدثت خلافات عميقة بين القادة العسكريين والسياسيين. فقد بدأت أصوات عديدة داخل إسرائيل تشكك في قدرة القيادة الحالية على مواجهة هذه التحديات الأمنية. وفي الوقت نفسه، أثبتت المقاومة الفلسطينية بقيادة يحيى السنوار ومحمد ضيف أنها قادرة على مفاجأة الاحتلال وضربه في عمق مواقعه، وهو ما يجعل الاحتلال في حالة دائمة من الترقب والخوف.
في نهاية حديثه، أكد المصري أن الشعب الفلسطيني يقف خلف المقاومة في هذه المعركة المصيرية، وأن القادة الشهداء مثل يحيى السنوار يظلون رموزا للصمود والتضحية. كما دعا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في مواقفه تجاه الاحتلال، محذرا من أن استمرار الدعم غير المشروط لإسرائيل قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.