في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، تحدث الأستاذ ياسر المصري، عضو اللجنة المركزية في حركة فتح-الانتفاضة، حول الموقف الإيراني وإمكانية امتصاص أي ضربة إسرائيلية محتملة. أشار المصري إلى أن إيران لديها استراتيجية مدروسة، حيث تسعى لتجنب جر الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق الحرب في المنطقة، على الرغم من مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتوريط واشنطن في هذا الاتجاه. وأوضح أن طهران تدرك حجم المخاطر التي تحملها حرب إقليمية شاملة، وهذا هو السبب الذي يدفعها للالتزام بضبط النفس، بحيث تبقى الصراعات محصورة ضمن نطاق السيطرة.
وفي سياق آخر، أكد المصري على موقف إيران الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن المسؤولين الإيرانيين أوضحوا خلال زيارتهم الأخيرة لدمشق أنهم يعتبرون القضية الفلسطينية قضية مركزية لا يمكن التنازل عنها، وأنهم ملتزمون بالثوابت الوطنية الفلسطينية. وأضاف أن إيران تتجنب الانتقال بالمعركة إلى مستوى إقليمي، مفضلة أن تبقى المواجهات قائمة بين محور المقاومة وإسرائيل، دون فتح جبهات جديدة.
أما عن مدى إمكانية الدعم الدولي للمقاومة الفلسطينية، وخاصة من قوى غير عربية كروسيا ودول مجموعة “بريكس”، بيّن المصري أن المصالح الجيوسياسية هي التي تحدد المواقف الدولية. ففي حين تسعى روسيا والصين لموازنة النفوذ الأمريكي في المنطقة، يبقى انحيازهما تجاه حقوق الشعوب مبدأً غير ثابت؛ حيث تُبنى السياسات على أساس المنافسة الاستراتيجية مع واشنطن. وقد برز هذا بوضوح في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي دعا الجالية الروسية في إسرائيل للعودة إلى روسيا، في خطوة تلوح بدعم للمقاومة الفلسطينية. كما أن روسيا، عبر تاريخها، أبدت دعمها للحقوق الفلسطينية، وهو ما أكد عليه وزير خارجيتها سيرغي لافروف مراراً.
وعند سؤاله عن رؤية الرئيس بوتين للواقع الإقليمي، اعتبر المصري أن روسيا تواجه تحديات عدة، أبرزها الصراع مع الناتو في أوكرانيا، ما يجعل روسيا حريصة على تقوية نفوذها في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط، لتدعم رؤيتها بتعددية الأقطاب في الساحة الدولية. وأشار إلى أن دول “البريكس”، التي تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، تمثل قوة اقتصادية مؤثرة تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.
وعن انعكاسات هذا التوازن الدولي الجديد على القضية الفلسطينية، رأى المصري أن صمود الفلسطينيين وتمسكهم بحقوقهم، بعيداً عن التسويات المشبوهة، سيضمن لهم دعماً دولياً أكبر. وأكد أن أي تراجع في التمسك بالحقوق، كما حصل في اتفاقية أوسلو، يعتبر خطأ تاريخياً أضعف الموقف الفلسطيني، وأتاح لأطراف أخرى التحرك بما يتوافق مع مصالحها. مشدداً على أهمية استثمار التحولات الدولية لصالح القضية، دون التفريط بأي من الحقوق الأساسية.
أما بشأن رهان الفلسطينيين على الانتخابات الأمريكية، فأكد المصري أن القيادة الفلسطينية لا تعوّل على نتائج الانتخابات هناك، فبالنسبة للقضية الفلسطينية، السياسة الأمريكية ثابتة ولا تتغير بتغير الرؤساء، حيث تمثل الدولة العميقة القوة الحقيقية في توجيه السياسات. وبالتالي، يرى الفلسطينيون أن “ترامب وهاريس وجهان لعملة واحدة”، وأن أي رهان على تغييرات جوهرية لن يكون مجدياً.
وفي ختام حديثه، أكد الأستاذ ياسر المصري أن محور المقاومة سيتمكن في نهاية المطاف من تحقيق النصر، حتى وإن كانت الهزائم التي تُمنى بها إسرائيل نسبية. وشدد على أن الصمود والإرادة هما المفتاح الرئيسي، وأن إسرائيل، برغم قوتها، ستواجه هزائم متلاحقة طالما استمرت المقاومة في نهجها وثباتها على مواقفها.