في ظل تعقيدات المنطقة، يبرز الحديث عن احتمالات المواجهة مع إيران كخيار يبدو ممكناً. يؤكد مهند الحاج علي، العضو السابق بمجلس الشعب، أن طموح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب البرنامج النووي الإيراني ليس جديداً، إذ سعى منذ العام 1998 لتحقيق هذا الهدف، وكان يأمل في فترة رئاسة دونالد ترامب بأن يمنحه الضوء الأخضر لهذا الهجوم. اليوم، يبدو أن الفرصة سانحة لنتنياهو لإشعال حرب شاملة في المنطقة، باعتبارها طريقاً لتحقيق أهدافه وإنقاذ مستقبله السياسي. ويرى الحاج علي أن نتنياهو يعتمد على الدخول الأمريكي والغربي المباشر في الحرب، ويعتقد أن هذه المواجهة الشاملة قد تحفّز حلفاء المقاومة مثل روسيا والصين للتدخل لحماية مصالحهم، خاصة أن التهديدات المستمرة وغير المبررة من قبل نتنياهو تثير غضباً دولياً متزايداً.
المقاومة من جهتها تدرك أهمية ضبط الإيقاع في هذه المرحلة، حيث تعوّل على حرب استنزاف تخدم استراتيجياتها ولا تسمح بإغراق المنطقة في حرب واسعة النطاق، وهي المعركة التي يتمنى نتنياهو إشعالها. نتنياهو، الذي يواجه معارضة داخلية تتساءل عن الإنجازات الحقيقية التي حققها، يدرك أن قتل قادة المقاومة لن يقضي على روح المقاومة التي تجذرت في المنطقة. فرغم استشهاد شخصيات بارزة، يستمر تأثيرها حتى بعد رحيلها، كما حدث مع استشهاد يحيى السنوار، الذي أصبح رمزاً يلهم الأجيال الجديدة في غزة ولبنان.
الحاج علي يشير إلى العجز الإسرائيلي في تحقيق أي تقدم بري يذكر، ويبرز التراجع الملحوظ للكيان في قدرته على تنفيذ ضربات جوية مؤثرة. ورغم محاولات الاحتلال لفرض تعتيم إعلامي حول الخسائر الفادحة في صفوفه، إلا أن تسريب المعلومات يكشف عن حقائق مؤلمة؛ عشرات الآلاف من الجنود يرفضون الالتحاق بالخدمة الاحتياطية، والمحصلة اليومية للإصابات تزداد بشكل كبير، ما يعكس حالة من التوتر الداخلي المتصاعد.
من جانب آخر، الولايات المتحدة تسعى جاهدة لخلق جبهات أخرى بهدف إشغال إيران ومحور المقاومة. تعمل الإدارة الأمريكية على تحريك بعض الملفات الشائكة في المنطقة، مثل تأجيج الأوضاع في سوريا عبر إعادة تفعيل تنظيمات إرهابية كداعش، بهدف خلق مواجهات جانبية تستنزف طاقة محور المقاومة. في هذا الإطار، يرى الحاج علي أن واشنطن تسعى لاستقطاب دول الخليج لصفها وجرّها إلى مواجهة مع إيران. إلا أن هذه المحاولات تصطدم بتغيرات واضحة في الموقف الخليجي، حيث أصبحت دول الخليج تدرك أهمية الحفاظ على مصالحها المستقلة، ولا تبدو متحمسة لإعادة تكرار تجربة اليمن.
وأنهى الحاج علي المقابلة بالقول أن محور المقاومة على وعي كامل بمحاولات إشعال الأوضاع وتأجيج الصراعات، ويبدي استعداداً كاملاً لمواجهة أي تهديدات جديدة في إطار الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، بما يمنع نتنياهو من تحقيق أهدافه ومغامراته الخطيرة.