في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أوضح المحلل السياسي حسام طالب أن الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط بات يحمل أبعادا جديدة منذ السابع من أكتوبر، حيث تتباين الأدوار بين محاولات تهدئة الأوضاع والتوسط بين الأطراف المتصارعة.
وفق ما أشار إليه طالب، يمكن تقسيم الدور الروسي إلى مرحلتين رئيسيتين. في المرحلة الأولى، كانت روسيا تسعى لوقف حرب الإبادة في غزة ومنع توسيع رقعة الحرب بشكل شامل. روسيا تمكنت عبر علاقاتها مع إيران وإسرائيل من لعب دور رئيسي في البحر المتوسط، حيث تمتلك قواعد عسكرية أثرت في منع اندلاع حرب إقليمية واسعة بعد السابع من أكتوبر. كما أكد أن هذه القواعد ليست مجرد وجود شكلي، بل تلعب دورا حيويا في منع التصعيد، خاصة بعد أن توسعت العمليات إلى لبنان.
ومع دخول المرحلة الثانية المتمثلة في بدء الحرب على لبنان، ركزت روسيا على تعزيز وجودها في الجنوب السوري لمنع امتداد العمليات العسكرية إلى الأراضي السورية. وبحسب المحلل، فإن هذا التدخل الروسي ساهم في خفض التصعيد رغم المجازر المستمرة في غزة ولبنان.
في السياق ذاته، تحدث طالب عن زيارة ران ديرمر إلى موسكو وواشنطن، مشيرا إلى أن دخول روسيا على خط الوساطة جاء بموافقة ضمنية من إدارة بايدن التي تسعى لإيقاف الحرب دون إلحاق الهزيمة بإسرائيل. ترامب من جانبه، وكما يقول طالب، لن يراهن على حصان خاسر لكنه أيضا لن يتخلى عن دعم إسرائيل. هنا يبرز الدور الروسي كخيار توافقي، حيث تستطيع موسكو التأثير على الأطراف دون أن تقدم للإسرائيليين كل ما يرغبون به، وفي الوقت نفسه تمنع احتلالا شاملا لغزة أو لبنان.
طالب لفت أيضا إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية مضطرة للاعتماد على الدور الروسي، حيث إن أي تحرك خارجي لترامب يتطلب موافقة إدارة بايدن الحالية حتى بعد تسلمه السلطة. هذا الأمر يوضح أن الجميع، بما فيهم إسرائيل، مضطرون اليوم للبحث عن حلول دبلوماسية لتجنب تصعيد قد لا يكون في مصلحة أحد.
وفيما يتعلق بالوساطة الروسية لإقناع سورية بوقف إمداد حزب الله بالسلاح، كشف طالب عن معلومات مفاجئة تفيد بعدم وجود إمداد فعلي منذ سنوات، ليس لأن سورية ترغب في ذلك، بل لأن حزب الله بات مكتفيا ذاتيا عبر تصنيع صواريخه ومسيراته، مما يثبت قدرته على الصمود حتى في ظل أقسى الظروف. كما أشار إلى أن حزب الله اليوم يطلق 200 صاروخ ويصنع مثيلها، مما يدحض المزاعم الإسرائيلية حول نفاد ترسانة الحزب.
أما عن الدور الأمريكي في المنطقة، أوضح طالب أن الولايات المتحدة تسيطر على مناطق واسعة في شرق الفرات وتمتلك 32 قاعدة عسكرية تراقب المنطقة بكثافة. هذا الوجود العسكري يمنع وصول أي إمدادات من العراق إلى سورية أو لبنان، مما يجعل ادعاءات تهريب السلاح عبر الأراضي السورية مجرد وسائل ضغط إعلامية.
فيما يتعلق باتهامات تهريب المخدرات من سورية إلى السعودية، استهجن طالب هذه الادعاءات مشيرا إلى أن المخدرات تعبر الحدود الأردنية قبل وصولها إلى السعودية، مما يضع علامات استفهام حول دور الأردن في هذه العملية. وأكد أن الدولة السورية تبذل جهودا للسيطرة على الحدود ومكافحة التهريب رغم وجود ميليشيات وإرهابيين مدعومين من الخارج.
ويرى طالب أن الأيام المقبلة ستكشف عن مضامين الوساطة الروسية، والتي من المتوقع أن تكون إيجابية في منع توسيع الحرب لتشمل سورية. كما أشار إلى أن اجتماع أستانا الأخير أدان الاعتداءات على سورية ولبنان، حيث أبدت روسيا استعدادها لاستئناف الحوار مع واشنطن حول الملف السوري، مما يعكس انفتاحا على حلول دبلوماسية لإنهاء الصراع في المنطقة.