شهدت الجلسة الحوارية التي أقامتها غرفة تجارة ريف دمشق نقاشاً مطولاً، تباينت فيه الآراء حول دراسة ومراجعة القوانين، أهمها قانون الشركات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 29 للعام 2011 وقانون حماية المستهلك الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 8 للعام 2021 وقانون حماية العلامات الفارقة، والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية رقم 8 للعام 2007 إضافة إلى قانون التجارة رقم 33 للعام 2007 وأخيراً قانون الغرف التجارية رقم 8 لعام 2020.
وبالعودة إلى الجلسة التي ضمت العديد من المعنيين والاقتصاديين والباحثين وأعضاء غرف التجارة والصناعة وغيرهم من أصحاب الشأن سعياً إلى وضع النقاط الأساسية للتوصل إلى صيغة مناسبة لهذه القوانين عبر تشكيل لجان وتسمية الأعضاء لكل لجنة، فقد عبر رئيس غرفة تجارة ريف دمشق أسامة مصطفى بداية عن تفاؤله بأن تكون هذه الاجتماعات هي باكورة خير لتعديل القوانين لما يخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، ومصلحة الدولة والحكومة، والتاجر والصناعي في آن معاً، مشيراً إلى أن إزالة العراقيل هو ما نسعى إليه لتوفير قوانين تتناسب مع البيئة الاقتصادية الصحيحة.
وأثنى رئيس الغرفة على الآلية التي أعلن عنها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة مناقشة القوانين بالتشاركية ووضع الآراء من مختلف القطاعات للتوصل إلى صيغة مناسبة. معتبراً أن هذه آلية جديدة من نوعها على وزارة الداخلية وقطاع الأعمال خاصة، وأن القوانين كانت تفرض علينا وبشكل روتيني لتطبيقها من دون المشاركة في اتخاذ القرار، مبيناً أن إشراك جميع هذه الفعاليات والشريحة الكبيرة من رجال القانون وأعضاء غرف التجارة والصناعة والمحامين والاقتصاديين وأعضاء مجلس الشعب والمعنيين بالشأن الاقتصادي ما هو إلا دليل حي على التطور الذي وصلت إليه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للوصول إلى نتيجة ترضي جميع الأطراف.
لا يطبق بشكل سليم !
بدوره الدكتور محمد خير العكام أكد أن مناقشة القوانين وإعادة صياغة بعضها هو خطوة مهمة، تحسب لوزارة التجارة الداخلية، بدءاً من القانون 8 الذي سمي بقانون حماية المستهلك، والذي تؤثر بعض نصوصه سلباً على المستهلك من حيث النتيجة مؤكداً أن الاقتصاد السوري بحاجة إلى القطاع الخاص الذي هو رديف للقطاع العام، ومن المفترض أن تكون هناك مراجعة تشريعية لهذه القوانين لأن البعض منها وضع خلال الحصار الاقتصادي، لذلك يجب العمل على إعادة عجلة الإنتاج الذي سينعكس بشكل إيجابي على المستهلك..
وأشار العكام إلى أهمية تعديل القانون 8 الخاص بحماية المستهلك لأنه لو استمر تطبيقه على ما هو عليه فسوف يكون كل الصناعيين والتجار في سورية في سجن عدرا، كونه لا يطبق بشكل سليم، مشيراً إلى أن ما قامت به وزارة التجارة الداخلية بخصوص تعديل هذه القوانين هو خطوة جريئة تحسب لها لاسيما أن هناك لغطاً واضحاً سواء في الصياغة القانونية أو في تطبيق القوانين، الأمر الذي يوجب العمل على إيجاد صيغة مناسبة ترضي جميع الأطراف وتحقق العدالة الاجتماعية.
توحيد وجهات النظر
بدوره أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق نائل اسمندر أن الحوار مفتوح أمام الجميع وتحت سقف القانون، معلناً عن تشكيل خمس لجان تتضمن ممثلين عن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية وغرف التجارة والصناعة، إضافة لقضاة وقانونيين وأعضاء من مجلس الشعب وأساتذة اقتصاد.
وأكد اسمندر أن اللجان المشكلة ستبدأ عملها واجتماعاتها اعتباراً من يوم السبت القادم، على أن يتم توثيق هذه الاجتماعات بما فيها من آراء واقتراحات من قبل المشاركين من القطاعين العام والخاص والأهلي، ومن ثم رفعها إلى وزارة التجارة الداخلية، لاتخاذ ما يلزم بعد اكتمال الحوارات في بقية المحافظات.
وأشار إلى أن الهدف من الجلسات الحوارية للجان المشكلة هو التوصل لتعديلات على المراسيم والقوانين المتداولة، وتحقيق التوازن في الأسواق بما يضمن حق المواطن في الحصول على السلع والمواد بأسعار ومواصفات مناسبة، وتنظيم الأداء التجاري بما يخدم المصلحة العامة.
وأشار في تصريح لتشرين إلى أن الحوار المتداول وتباين وجهات النظر هو شيء صحي وضروري، للتوصل إلى نقاط مشتركة بين القطاعين العام والخاص وتوحيد وجهات النظر المشتركة بما يرضي جميع الأطراف ويضمن حقوق المستهلك.
أحدثت على وجه السرعة
الخبير الاقتصادي والدكتور أيمن ديوب قال: إن قيام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإجراء مراجعة للقوانين خاصه القانون 8 وقانون الشركات هو أمر هام جداً، وأن تجمع التجار والصناعيين وغيرهم من المعنيين في الوزارة لمناقشة كل قانون من قبل لجنة أو مجموعة من الأشخاص لديهم الجرأة والكفاءة لمراجعة ودراسة هذه القوانين بشكل كامل وتحديد نقاط القوة والضعف، من شأنه أن يعزز مصداقية القوانين خلال المرحلة القادمة. فالمناقشات واللجان سوف تتوصل إلى وضع دراسة تفصيلية ضمن مجموعة من التوصيات سيتم الإعلان عنها بحضور المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للخروج بوجهه نظر واحدة للحكومة والأكاديميين والصناعيين الأختصاصيين ضمن مجموعة من التشريعات ذات الأهمية تتناسب مع الواقع الحالي، خاصة أن هناك العديد من القوانين التي أحدثت على وجه السرعة سابقاً، مثل قانون الغرف وقانون حماية المستهلك رقم 8 والذي يحتاج الى الكثير من التعديل في العديد من الفقرات.
قانون جرائم التعدي على العلامات الفارقة أصبح متاحاً
وفي سياق متصل تحدث محمد حاجي من مديرية التجارة الداخلية خلال الاجتماع عن قانون حماية العلامات الفارقة والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية الصادرة عام 2007، موضحاً أن الأسباب التي استدعت صدور هذا القانون هو عدم التعدي على الملكية الفكرية والتجارية وحماية المشروعات والتي تعتبر من أهم الوسائل التي يستخدمها التاجر للتعريف بمنتجاته بل تمثل هوية المنتج، مشيراً إلى أن قانون جرائم التعدي على العلامات الفارقة أصبح متاحاً وسهلاً جداً، خاصة أن القانون يؤكد على أن هذه العقوبة هي السجن لثلاثة أشهر أو مبلغ مالي (من 300 ألف إلى المليون ليرة فقط) لذلك لابد من تعديل هذا النص لحماية الحقوق والملكية التجارية والصناعية.
هنا قدم رئيس غرفة التجارة مصطفى مداخلة قال فيها: إن القانون 8 ، صدر بشكل سريع ولم يأخذ وقته في الدراسة في بعض الجوانب، وحتى في مجلس الشعب تم الإسراع بإصداره بشكل غير مبرر وكل الآراء التي قُدمت من مختلف الغرف والجهات الاقتصادية لم يؤخذ بها آنذاك، كما تم زج مواد لم تكن موجودة بلا وجه حق، مؤكداً أن قانون غرف التجارة اليوم بحاجة إلى إعادة النظر بالعديد من نقاطه وأهمها موضوع إلزام التاجر بتسجيل العامل في التأمينات الاجتماعية وعدد العمال ودرجات التصنيف الخاصة بهم، إلى ما يتبع ذلك من قضايا تتعلق بالعمال إضافة إلى غيرها من المواد..
وحول ذلك تحدث الدكتور العكام أنه عند مناقشة هذا القانون في مجلس الشعب كان هناك إصرار من أرباب العمل على عدم تسجيل العاملين في التأمينات لأن التأمينات الخاصة بقانون العمل الخاص مرتفعة جداً.. وبحاجة إلى تعديل وفي حال تم تعديلها سوف يتم تسجيل كل العاملين في التأمينات، خاصة أن الرقم هو 17.1% من الراتب المسجل يتم اقتطاعه في التأمينات، مشيراً إلى تقاذف المسؤوليات في تطبيق وتصحيح مسار القانون.
وأيده في ذلك مجدداً رئيس غرفة تجارة ريف دمشق قائلاً: إننا جميعاً مع العامل ونحن نطلب من أصحاب العمل تسجيل عمالهم والتشدد بعقوبة التجار والصناعيين الذين لم يقوموا بتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية لأن حقوق العامل مقدسة بالنسبة لنا، لكن ما يجب توضيحه أن هناك تجاراً بحاجة إلى عامل واحد وتجار بحاجة إلى 50 عاملاً وملزمون بتسجيلهم، وهناك الكثير من المحال التجارية أو المعامل لايوجد فيها أي عامل، وصاحب المكان هو الذي يعمل بنفسه، وهنا نحن أمام مشكلة وهي إجبار التاجر أو الصناعي على تسجيل عدد معين من العمال حسب تصنيفه التجاري، جازماً بأن هذا التصنيف خاطئ بكل المقاييس لأنه يجب تعميمه على كافة الفعاليات من محامين ومهندسين وأطباء وغيرهم، ومع ذلك لم يصدر أي قانون بأن يسجل المحامي أو المهندس وغيره أي عامل موجود لديه، لكن قانون العمل يؤكد أنه إذا كان لديه عامل فيجب عليه أن يسجله في التأمينات الاجتماعية.
أساءت إلى بيئة العمل
بدوره أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها أيمن مولوي أكد لتشرين أن النقطة الأهم اليوم هي تعديل المرسوم 8 لعام 2021 الخاص بحماية المستهلك خاصة أن هناك بعض المواد التي أساءت إلى بيئة العمل لجهه عدم التفريق بين المخالفة الجسيمة والبسيطة التي تنجز أثناء العمل بدون قصد والتي تعتبر مختلفة عن المخالفات التي تكون عن سبق إصرار مثل المخالفات الخاصة بالمواد التموينية والخبز وصحة المواطن.