أكد الدكتور سليم حربا، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أن الحروب دائما ما تنتهي بتسويات تعكس ما أفرزته ميادين القتال. وأشار إلى أن هذا الاتفاق تحديدا يعبر عن رضوخ الكيان الإسرائيلي، الذي أجبرته المقاومة على قبول شروط الاتفاق نتيجة لفشل جميع أهدافه العسكرية والاستراتيجية.
الدكتور حربا أوضح أن العمود الفقري للكيان الإسرائيلي، والمتمثل في نظرية الأمن والقوة العسكرية، تعرض لضربات قاسية أظهرت مدى هشاشته. فعلى مدار أكثر من ستين يوما من العمليات البرية التي نفذتها خمس فرق عسكرية تعتبر من النخبة في الجيش الإسرائيلي، لم يتمكن الاحتلال من تحقيق أي تقدم حقيقي على الأرض. وأكد حربا أن الكيان لجأ إلى استخدام كميات هائلة من الذخائر، تعادل ما يقارب قنبلة نووية، ومع ذلك فشل في احتلال بلدة واحدة أو حتى الحفاظ على وجوده في المناطق التي توغل فيها.
في سياق متصل، علق الدكتور حربا على مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تحقيق انتصارات على عدة جبهات، موضحا أن هذه الادعاءات كانت مضللة ولا تعكس الواقع الميداني. وأكد أن الصور التي عرضها الإعلام الإسرائيلي عن وصول جنود الاحتلال إلى نهر الليطاني لا تمت للحقيقة بصلة، حيث إن تلك المواقع كانت تبعد عدة كيلومترات عن النهر. وأضاف أن العملية البرية الإسرائيلية فشلت تماما في تحقيق أهدافها، وهو ما اضطر الكيان إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار كخيار وحيد لتجنب المزيد من الخسائر.
الدكتور حربا أشار أيضا إلى أن المقاومة اللبنانية أثبتت قدرتها على التفاوض من موقع القوة، مستفيدة من التفوق الميداني الذي ظهر جليا في الضربات الصاروخية المكثفة التي استهدفت العمق الإسرائيلي، بما في ذلك تل أبيب وميناء أشدود. واعتبر أن هذه الهجمات رسخت رسالة واضحة بأن المقاومة ما زالت في أوج قوتها، ما جعل الكيان يدرك استحالة تحقيق أهدافه العسكرية.
فيما يتعلق ببنود الاتفاق، أكد الدكتور حربا أن الكيان الإسرائيلي عجز عن تعديل القرار 1701 لصالحه، رغم محاولاته الحثيثة لإدخال تعديلات تمنحه حرية أكبر في انتهاك السيادة اللبنانية. وأوضح أن المقاومة فرضت إيقاعها ومعادلاتها في الميدان والسياسة، مما منع الكيان من تحقيق أهدافه. وأضاف أن المقاومة استطاعت أن تحافظ على مقومات قوتها الثلاثة: العسكرية، السياسية، والشعبية، حيث عادت البيئة الحاضنة للمقاومة أكثر قوة وتماسكًا.
وأشار الدكتور حربا إلى أن الأزمة التي يعانيها الكيان الإسرائيلي تتجاوز الميدان العسكري لتشمل الجوانب الاقتصادية والأمنية وحتى الأخلاقية، مع تزايد الاتهامات لنتنياهو كونه مجرم حرب. وأضاف أن فشل الاحتلال في مواجهة المقاومة أدى إلى انهيار نظرية الأمن الإسرائيلي، واهتزاز ثقة المستوطنين بقيادتهم. وأكد أن حجم الخسائر التي تكبدها الكيان، سواء البشرية أو العتادية أو الاقتصادية، بدأت تتكشف تدريجيًا رغم التعتيم الإعلامي الذي فرضه الرقيب العسكري.
في الختام، اعتبر الدكتور حربا أن اتفاق وقف إطلاق النار يعكس بشكل واضح هزيمة استراتيجية للكيان الإسرائيلي، الذي اضطر للقبول به لتجنب المزيد من الانهيار. وأكد أن المقاومة اللبنانية أثبتت مرة أخرى أنها قادرة على الصمود وتحقيق أهدافها، مما يجعل هذا الاتفاق إنجازًا يعكس انتصارها في مواجهة أحد أقوى الجيوش في المنطقة.