مع استمرار المعارك في الشمال السوري وتحديداً في منطقة إدلب، تتكشّف أبعاد جديدة للصراع الذي بات يمثّل نقطة تحول في المشهد السياسي والميداني. المحلل السياسي أحمد رفعت يوسف، في حديث خاص لإذاعة ميلودي إف إم بالتعاون مع شبكة شام نيوز إنفو، أكّد أنّ وصول الأسلحة والذخائر الروسية عبر قاعدة حميميم ليس أمراً جديداً، بل تمّ الإعلان عنه في بيان عسكري سوري. ومع ذلك، أشار إلى أنّ عملية توزيع واستخدام هذه الأسلحة تحتاج إلى وقت، لافتاً إلى أنّ المعركة الحالية ما زالت في طور الإعداد رغم شراستها.
استغرب يوسف الدعوة لاستئناف اجتماعات أستانة في ظل هذه الظروف، معتبراً أنّ أي حديث عن حل سياسي الآن غير منطقي. وأوضح أنّ الهجوم الإرهابي الأخير في حلب أطاح بأسس اجتماعات أستانة واتفاقيات سوتشي، كما كشف ضعف الموقف التركي. ولفت إلى أنّ أردوغان وحلفاءه، بمن فيهم إسرائيل والولايات المتحدة، كانوا يعوّلون على المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافهم، لكن هذه الأهداف باتت مستحيلة التحقيق.
التغيرات الميدانية والسياسية، بحسب يوسف، قلبت موازين القوى تماماً. الدول العربية والغربية التي كانت تتخذ مواقف سلبية تجاه الدولة السورية بدأت بإدانة العدوان التركي، مما منح دمشق مساحة أكبر للتحرك. وأكد يوسف أنّ القيادة السورية، بتكتيكها الهادئ وضبط النفس، حققت مكاسب سياسية كبيرة، مضيفاً أنّ الظروف الإقليمية والدولية تغيّرت بشكل جذري عن العام 2011 عندما كان الدعم الخارجي للإرهابيين كبيراً.
أردوغان، وفقاً لأحمد يوسف، أخطأ في قراءة المشهد الراهن، محاولاً تكرار سيناريوهات الماضي بظروف مختلفة كلياً. واعتبر أنّ المعركة الحالية في الشمال السوري ستُحسم عسكرياً، حيث هيّأت تركيا، عن غير قصد، جميع الظروف المناسبة للدولة السورية لخوض هذه المعركة واستعادة السيطرة على أراضيها. وأشار إلى أنّ الجيش السوري سيواصل تقدمه حتى تحرير كامل الأراضي السورية وصولاً إلى الحدود مع تركيا.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع “قسد”، أكّد يوسف وجود أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، مشيراً إلى أنّ الحكومة السورية لم تعتبر الأكراد أعداء. وأوضح أنّ مراسيم العفو التي أصدرها الرئيس السوري تؤكد وجود تمييز واضح بين من حمل السلاح عن قناعة وبين من أجبرته الظروف. واعتبر يوسف أنّ ضعف تركيا بعد المعركة سيخلق مناخاً أفضل للحوار مع “قسد”، خصوصاً في ظل التغيرات الدولية وتصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة حول الانسحاب من سوريا.
كما سلط يوسف الضوء أيضاً على ازدواجية المواقف التركية، مشيراً إلى أنّ العلاقات الاقتصادية والسياسية بين أنقرة وتل أبيب تفضح زيف التصريحات العدائية التي يطلقها أردوغان ضد إسرائيل. وأضاف أنّ الشركات التركية، وخاصة تلك التابعة لأبناء أردوغان، هي من أبرز المزوّدين للكيان الصهيوني بالسلع الحيوية.
في ختام حديثه، أشار يوسف إلى أنّ المعركة باتت محسومة لصالح الجيش السوري، مؤكداً أنّ الإرهابيين سُدّت أمامهم السبل، وأنّ انهيارهم أصبح مسألة وقت. وتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة القادمة تسارعاً في وتيرة الانتصارات السورية، مؤكداً أنّ التغيرات الاستراتيجية التي بدأت من صمود سوريا ستكون لها تداعيات كبرى على التوازنات الإقليمية والدولية.
