تناول الدكتور خلف المفتاح، الكاتب والمحلل السياسي وعضو القيادة القطرية السابق، في حديثه مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، الوضع في سورية وتحديداً حلب بعد انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي التي ناقشت الهجوم الإرهابي الأخير. المفتاح أكد أن الجلسة أظهرت بوضوح ازدواجية مواقف الدول التي تدعي محاربة الإرهاب بينما تدافع عن تنظيمات مثل هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية. أشار إلى أن هذه الدول لا تعادي الإرهاب فعلياً، بل تستخدمه لتحقيق مصالحها، وتسعى لإلقاء اللوم على الدولة السورية بحجج واهية، رغم وضوح التورط التركي والدعم الذي توفره المجموعات الإرهابية لزعزعة الاستقرار في سورية.
المفتاح لفت إلى أن نقل الملف إلى مجلس الأمن كان ضرورياً لوضع العالم أمام مسؤولياته تجاه تهديد السلم الدولي. الهجمات الإرهابية في سورية ليست شأناً داخلياً فحسب، بل تهديداً عالمياً يتطلب رداً دولياً. وأوضح أن الرسالة السورية للجميع واضحة: لا يمكن التغاضي عن الازدواجية الأميركية في ادعاء محاربة الإرهاب، بينما تبقى التنظيمات الإرهابية التي ترعاها على مقربة من مواقع نفوذها. وأشار إلى الدعم الدولي الذي تحظى به سورية في معركتها ضد الإرهاب، مؤكداً على أهمية هذا الدعم في مواجهة محاولات خلط الأوراق واستمرار تمدد الفكر الإرهابي الذي يهدد الجميع.
حول حضور “الخوذ البيضاء” جلسة مجلس الأمن، استنكر المفتاح كيف يمكن لمجلس الأمن أن يسمح لمجموعة متهمة بممارسة الإرهاب والقتل بتمثيل قضية ضد الدولة السورية. اعتبر ذلك استهزاءً بالمجلس ودوره، خاصة أن حضورهم كان يهدف لتقديم لائحة اتهام ضد سورية تفتقر إلى أي مصداقية أو أدلة، في محاولة لتشويه صورة الدولة السورية أمام المجتمع الدولي. وأشار إلى أن مثل هذه التحركات تأتي ضمن محاولات مستمرة لإرباك الجهود السورية والدولية في مكافحة الإرهاب.
أما عن الأبعاد الإقليمية للأزمة، فقد تحدث المفتاح عن التصعيد الذي تقوده تركيا والمجموعات الإرهابية المدعومة منها، مشيراً إلى أن هذا التصعيد قد يتحول إلى نزاع إقليمي يهدد الاستقرار الدولي. تركيا، بقيادة أردوغان، تسعى لاستغلال التحولات الجيوسياسية في المنطقة لتحقيق أحلامها العثمانية، خاصة بعد ما شهدته من تغيرات في موازين القوى عقب الأحداث الأخيرة في غزة ولبنان. وأكد المفتاح أن ما يقوم به أردوغان هو محاولة لإعادة إحياء مشروعه الإخواني الذي فشل سابقاً بفضل صمود الدولة السورية ودعم حلفائها.
في سياق ذلك، تناول المفتاح فكرة الشراكة غير المكتوبة بين أردوغان ونتنياهو، موضحاً أن هناك تكاملاً في الأدوار بين الطرفين، حيث يسعى كل منهما لاستغلال الأزمات الإقليمية لتحقيق أهدافه. أردوغان يرى في الوضع الراهن فرصة لتقديم أوراق اعتماده مجدداً للولايات المتحدة كشريك في رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد، بينما يحاول نتنياهو الحفاظ على دائرة النار مشتعلة لإلهاء الداخل الإسرائيلي عن أزماته السياسية والقانونية. كلاهما يستغل الوضع لتحقيق مصالحه، في حين تبقى سورية ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.
المفتاح شدد على أن أي محاولات لفرض حلول سياسية على سورية من الخارج مرفوضة تماماً، سواء عبر ضغوط أردوغان أو غيره. العملية السياسية في سورية يجب أن تكون بقرار وطني خالص يعكس إرادة الشعب السوري وتضحياته، وليس وفقاً لإملاءات خارجية. وأكد أن سورية، بعد كل ما قدمته من تضحيات، لن تقبل بأي حلول تنتقص من سيادتها أو تسعى لإعادة تدوير الإرهاب في أشكال سياسية جديدة.