تغير العلم السوري، النشيد الوطني السوري، وكذلك كراسي المسؤولية الثمينة استقبلت وجوهاً جديدة بالمطلق، فهل يتغير اسم سوريا أيضاً ويصبح سوريستان؟؟؟
بعد مرور حوالي شهر واحد على سقوط النظام السوري وسيطرة أحمد الشرع وجماعته مبدئياً على المشهد، في الداخل السوري ” شعبياً ” وفي الخارج، ما زالت جميع السيناريوهات مطروحة على الطاولة لتحديد مستقبل سوريا ووجهها الجديد، كدولة مدنية، علمانية أو علمانية إسلامية، لكن أن تكون إمارة إسلامية أو أفغانستان أخرى ” حتى هذه لم تعد كما كانت عليه”، هذا الشكل من المؤكد أنها لن تصبح عليه على الإطلاق حتى وإن فرض ” الشرع ” بعض القيود على المجتمع السوري المتنوع في هذه المرحلة لإرضاء جماعته ممن نشأوا في ادلب على فكر متشدد متطرف ويطالبونه بتنفيذ وعوده التي قطعها على نفسه أمامهم بإنشاء دولة وإمارة إسلامية.
من اللحظة الأولى التي سقط بها نظام بشار الأسد ، لم يبق من أبو محمد الجولاني إلا ذكره، الذي تحاول الدول الغربية وأمريكا جاهدة على ما يبدو لنسفه، وصنع حاضر ومستقبل جديد له خالٍ من سجلّه الطويل في الجهاد والإرهاب، جاء باسمه الحقيقي أحمد الشرع الشاب حسن المظهر، متوازن الشخصية، مريح المعالم كما رآه كثيرون، جميع القوى الإقليمية والعالمية رحبت ودعمت شخصيته الجديدة، ووعدته بإزالة اسمه ومجموعته من القائمة السوداء، إذا ما حقق الضمانات والشروط التي وعد بها في حماية الأقليات وضبط الداخل السوري باتزان وبأقل الخسائر الممكنة … وجملة الشرع “لا نريد تحويل سوريا إلى أفغانستان”، لم يقلها عن عبث ولم يقلها لأنه مقتنع بسوريا علمانية، فهو مجبر على هذا الخيار بضغط من جميع دول العالم والمنطقة على أن تكون سوريا مدنية علمانية تراعي حريات جميع مكونات المجتمع السوري هائل التنوع ، أو إذا أردنا أن نكون صادقين ، فهم لا يهمهم حريات الشعب السوري وإنما مصالحهم وأمنهم القومي والوطني ويعلمون جيدا أن دعمهم لأي تيار أو جماعة دينية سيشكل خطراً على مستقبل بلادهم، وخاصة تركيا التي دعمت وصولهم إلى الحكم ” المؤقت”.
لكن يبدو أن كل هذه الوعود تندرج في إطار التصريحات النظرية، ولا تحاكي أرض الواقع وما يحصل من خرق لحرية الأقليات والشعب عموماً، ربما دمشق هي أكثر المحافظات المضبوطة أمنياً رغم كل الفوضى الحاصلة في أرجائها، لكن اليوم في حمص وقبلها في طرطوس تحصل مجازر مروعة بحسب وصف الأهالي ومناشداتهم للشرع شخصياً بإيقاف جماعاته عن ارتكاب هذه التجاوزات، إذا ما عدنا للفكرة الأولى ” هل ستتحول سوريا إلى أفغانستان؟” فيبدو أن المشهد مستعصي ومعقد أكثر من مجرد تحولها إلى نسخة أخرى من أفغانستان، فرفع أعلام القاعدة البيضاء في وسط أحياء دمشق من قبل مواطنين ومن قبل مقاتلين تابعين لإدارة العمليات العسكرية، وظهور رايات داعش من جديد في دمشق وطرطوس، وجماعات وصفت نفسها ” تدعو للخير” وتوزع اللباس الشرعي للنساء في محافظة حماه، وجماعات أخرى تقوم بجلد المواطنين في درعا وتطبيق الأحكام الإسلامية بحقهم ، كل ذلك يوحي بأن سوريا بعد السقوط وسياسة التمكين التي تتبعها الإدارة الجديدة لن تكون كما قبل السقوط ولن تكون بنسخة أفضل مما كانت عليه، خاصة أن أمريكا وفرنسا وألمانيا بصراحة أعلنت في الأيام الأخيرة أنها لن تدعم جماعات إسلامية وهذه النقطة لم تدركها الفصائل التابعة للجولاني أنها ستكون مقتلهم إذا ما أصروا على أفغنة البلاد.