أكد الباحث والمفكر السياسي الدكتور عطا الله الرمحين في حديثه مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم أن النظرة السائدة لدى بعض الأطراف للإدارة السياسية الجديدة في سوريا والتي تعتبر الأحزاب والكتل السياسية جزءا من النظام السابق أو الأجهزة الأمنية، هي رؤية غير مقبولة. وأشار إلى أن هذه الأحزاب كانت موجودة قبل فترة حكم حافظ الأسد، وكانت هناك تنظيمات متصارعة وأخرى ذات طابع ديمقراطي، وكانت هذه المواقف منظمة وتعبر عن أحزاب ذات رؤى محددة تسعى للوصول إلى السلطة.
وأوضح الرمحين أن الانقسامات التي حدثت داخل الأحزاب السياسية، حيث التحقت بعض القوى بالنظام فيما بقيت أخرى متمسكة بمواقفها بعيدا عن السلطة، تعكس تعقيدات المشهد السياسي السوري. وشدد على أن الإقصاء ليس حلا ولا يخدم ديمقراطية الحياة السياسية، فالمجتمع السوري متنوع ومتباين المصالح والانتماءات، ومن حق كل تكتل أن يعلن رأيه ويشارك في بناء المستقبل.
حول سلوك النظام السابق في التعامل مع الشخصيات السياسية، أشار الرمحين إلى أن النظام استقطب شخصيات مشبوهة ومنحها أدوارا تمثيلية دون أن تكون ذات تأثير حقيقي. وأكد أن الانتهازية باتت ظاهرة بارزة في الحياة السياسية منذ حكم حافظ الأسد، حيث أصبح السعي لتحقيق المصالح الشخصية هو الدافع الرئيسي للعديد من الشخصيات، سواء داخل الحزب الحاكم أو خارجه.
اعتبر الرمحين أن الفرز بين الشخصيات السياسية يجب أن يعتمد على البرامج المطروحة والتصريحات والمواقف، مشيرا إلى أن المراجعة الشاملة ضرورية لإصلاح النظام السياسي. وذكر أن النظام السابق فرض سيطرة مطلقة من خلال الانتساب الإجباري للحزب الحاكم، حيث كان الانضمام إلى حزب البعث شرطا أساسيا للحصول على فرص عمل أو القبول في الجامعات، مما أجبر العديد على التماهي مع النظام رغم اختلاف قناعاتهم.
تطرق الرمحين إلى أهمية عملية الإصلاح وضرورة أن تشمل مراجعة شاملة لشخصيات كانت جزءا من النظام السابق، معتبرا أن المحاسبة ليست مبررة في ظل الظروف التي فرضت على الأفراد الالتزام بمتطلبات النظام للحصول على لقمة العيش. وأكد أن تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية كان جزءا من أدوات النظام للسيطرة على الأحزاب الأخرى.
فيما يتعلق بالمؤتمر الوطني المزمع انعقاده، اعتبر الرمحين أن التصريحات الصادرة عن الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع تبعث على الطمأنينة، رغم الشكوك التي أبدتها بعض الدول تجاه الإدارة الجديدة ذات الخلفية الفصائلية. وأوضح أن هذه الدول بنت مواقفها بناء على تاريخ بعض القيادات، مثل الجولاني، الذي وُصف بأنه إرهابي بناء على ماضيه، مما شكل عائقا أمام تغيير النظرة الدولية.
أكد الرمحين أن تصريحات أحمد الشرع تعكس تحولا نحو التفكير العقلاني والمنطقي في إدارة العمل السياسي، إلا أن هناك مصطلحات أساسية مثل الديمقراطية وحرية التنظيمات السياسية وحرية التظاهر لم تُطرح بعد. واعتبر أن هذه المصطلحات يجب أن تكون جزءا من الدستور الجديد الذي يأخذ بعين الاعتبار صوت الناس ومعاناتهم ومستقبلهم.
شدد الرمحين على أهمية انفتاح السياسات السورية الجديدة على المجتمع الدولي وتوسيع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، مع الابتعاد عن الصيغ التي اعتمدها بشار الأسد مثل عبادة الفرد. ودعا إلى الحد من الصيغ والمصطلحات التي تعيق التقدم، مؤكدا أن العمل السياسي يجب أن يكون قائما على المنطق والعلم لخدمة المجتمع.
وختاماً لحديثه، حذر الرمحين من خطورة انحراف المسار السياسي إذا لم يتم اتباع نهج منطقي وعلمي. وأكد ضرورة عدم إقصاء التيارات الدينية، مع الحفاظ على فصل الدين عن السياسة، حيث تقتصر مهمة رجال الدين على التربية الأخلاقية والإنسانية التي تخدم المجتمع. وشدد على أن خلط الدين بالسياسة يؤدي إلى مفسدة للدين، وأن السياسة يجب أن تكون منفصلة تماما عن الاعتبارات الدينية.