أكد الدكتور محمود عبد السلام خلال حوار مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم أن سورية تواجه مخاطر جسيمة تهدد وحدتها، محذراً من مخططات التقسيم التي تستغل الفراغ الناجم عن سقوط النظام السابق. ودعا السوريين إلى التوحد والوعي بهذه التحديات، مشدداً على أهمية تعزيز العلاقات مع الدول العربية كحصن ضد المشروع العثماني المتنامي، ومؤكداً أن “إسرائيل لن تنسحب من الأراضي السورية المحتلة إلا بمواجهة قوية”.
وعن تنصيب أحمد الشرع رئيساً للسلطة الانتقالية، أوضح عبد السلام أن سورية تمر بمنعطف خطير يمتزج فيه الأمل بالتحديات، حيث تتضارب مصالح القوى الإقليمية والدولية رغم اتفاقها الظاهري على ضرورة إنهاء حقبة النظام السابق. وتساءل: “كيف يمكن تحقيق التوازن بين مصلحة الشعب السوري ومصالح دول مثل روسيا وتركيا وإيران وأمريكا، التي تتنافس على رسم خريطة المنطقة؟”، مؤكداً أن “سورية تبقى مفتاح الشرق الأوسط بموقعها الجيوستراتيجي وثرواتها الواعدة، ما يجعلها محط أطماع الجميع”.
وفي تحليله للصراعات الإقليمية، لفت عبد السلام إلى أن التنافس الخفي بين المحاور يتجلى في الصراع التركي-السعودي، حيث تسعى أنقرة لتعزيز وجودها العسكري عبر قواعد في حمص والساحل، بينما تحاول الرياض تحجيم النفوذ الإيراني والعثماني. وأضاف: “دعم تركيا للسلطة الحالية عبر حزب العدالة والتنمية يثير مخاوف مصر والأردن، خاصة مع وجود عناصر من الإخوان المسلمين في الحكم السوري، ما قد يُشعل قلاقل داخلية في تلك الدول”.
وعن زيارة الشرع إلى السعودية وتركيا، رأى عبد السلام أن هذه الخطوة تهدف إلى كسب الشرعية الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن “السعودية بوابة العرب والإسلام، بينما تمثل تركيا حليفاً استراتيجياً دعم إسقاط النظام السابق”. لكنه تساءل: “كيف ستوازن السلطة الجديدة بين فضل أنقرة وموسكو، خاصة مع استمرار الوجود العسكري التركي المثير للجدل في مناطق مثل اللاذقية، والذي يصنَّف من وجهة نظر سابقة كاحتلال؟”.
وبخصوص التحديات الداخلية، أشار عبد السلام إلى أن “حل الجيش السوري والمجلس الشعبي يفرض ضرورة بناء مؤسسات جديدة من الصفر”، موضحاً أن ذلك يتطلب “دستوراً يعكس التعددية السياسية والدينية، وجيشاً موحداً بعقيدة واضحة”. وحذّر من تعقيدات نزع السلاح من الفصائل، قائلاً: “انتشار الأسلحة بين المدنيين بعد سقوط النظام يشكل تحدياً أمنياً هائلاً”.
وعن الشروط الدولية لرفع العقوبات، مثل مكافحة الإرهاب وحل الفصائل، أكد عبد السلام أن “تحقيقها يتطلب وقتاً طويلاً”، خاصة مع غياب المؤسسات التشريعية التي تُشرعن الاتفاقيات. وتساءل: “كيف ستتعامل الحكومة الانتقالية مع ملفات حساسة مثل الوجود الأمريكي في الشمال أو الموقف من إسرائيل دون غطاء دستوري أو عسكري؟”، مشدداً على أن “إعادة بناء الاقتصاد المنهار أولوية تفوق حتى التحرير العسكري للجولان، لأن الجيوش لا تُبنى بجيوب فارغة”.
وفي ختام حديثه، قال الدكتور محمود عبد السلام إلى أن “سورية تقف أمام امتحان مصيري: إما أن تستغل تناقضات المصالح الدولية لصالح وحدتها، أو تظل ساحة لصراع يهدد وجودها”، مؤكداً أن “القرارات التي تتخذها السلطة الحالية في الأشهر المقبلة ستحدد ما إذا كانت البلاد ستنهض من تحت الأنقاض، أم ستغرق أكثر في دوامة التقسيم والتبعية”.