مع اقتراب انتهاء الحرب في أوكرانيا.. غموض في خطة ترامب لوقف الحرب.. وانزعاج أوروبي من الاتصال الهاتفي بين بوتين وترامب.. والسعودية تسعى لاستضافة القمة الروسية الأمريكية..
لا يزال الغموض يلف خطة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، إلا أن إزالة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات تشكل المفتاح الذي يحمله ترامب بيديه، وهو يردد بأنه لو كان رئيسا في ذلك الوقت لما اندلعت الحرب أصلاً..
الاتصال الهاتفي الذي استمر تسعين دقيقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني عشر من شباط الجاري كان خطوة هامة قبيل لقائهما المرتقب والذي يجري التحضير له، وقد أعربت السعودية عن استعدادها لاستضافة القمة الروسية الأمريكية التي ستناقش بالدرجة الأولى مسألة إنهاء الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى التطورات في الشرق الأوسط في غزة وسورية وإيران، مع الإشارة طبعا إلى أن الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جو بايدن تعمدت قطع الاتصالات والحوار بين موسكو وواشنطن حتى وصلت العلاقات بين أكبر قوتين عظميين إلى حافة الهاوية، بعد أن أمعنت أمريكا ومن ورائها أوروبا والناتو في تقديم كل أنواع الدعم العسكري والسياسي لنظام زيلينسكي، وفي فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد روسيا بلغت أكثر من 20 ألف عقوبة في جميع قطاعات ومجالات الحياة.. ومن هنا ندرك أهمية الاتصال الهاتفي بين بوتين وترامب، والذي أدى كنتيجة أولية إلى عودة الكثير من الشركات العالمية للعمل في روسيا، وإلى ارتفاع سعر الروبل، وهذه من النتائج الإيجابية المباشرة والهامة للمكالمة الهاتفية بين الرئيسين بوتين وترامب..
وإذا كانت مسألة تطبيع العلاقات الأمريكية الروسية على درجة عالية من الأهمية من أجل مناقشة كل القضايا الثنائية والدولية، إلا أن إنهاء الحرب في أوكرانيا ليست بهذه السهولة، فالفجوة كبيرة بين موسكو وكييف، واستمرار الحرب لثلاث سنوات أدى إلى استنزاف الموارد والطاقات البشرية والاقتصادية، وأدى إلى حالة من الضغط النفسي أيضا، لأن أوروبا وأمريكا والناتو خلال السنوات الثلاث الماضية كانوا كتلة واحدة ضد روسيا، وهنا بيت القصيد في خطة ترامب التي تنفرد بموقف أمريكي مختلف عن المواقف الأوروبية المنزعجة من اندفاعة ترامب لإنهاء الحرب المكلفة، حيث تسعى أوروبا لمواصلة الضغوط والعقوبات على موسكو وعلى الرئيس بوتين تحت عنوان هزيمة روسيا، إلا أن خطة ترامب تستبعد أي إمكانية لهزيمة روسيا، ويؤكد ترامب أن من انتصر على هتلر ونابليون لا يمكن أن يهزم أمام زيلينسكي.
ومع ذلك فإن خطة ترامب التي يشوبها الكثير من الغموض تقدم ضمانات أمنية لأوكرانيا مقابل عدم انضمامها إلى الناتو، كما أن واشنطن تسعى للحصول على منافع كبيرة من استثمار المعادن الثمينة الموجودة في الأراضي الأوكرانية، علماً أن أراضي الدونباس التي استعادتها روسيا خلال حربها الطويلة تحتوي على حصة الأسد من هذه المعادن النادرة التي تبحث عنها إدارة ترامب، وبالتالي ما يقدمه زيلينسكي لأمريكا يمكن للرئيس بوتين أن يقدمه أيضا، مع أن ترامب أكد أكثر من مرة ضرورة أن تتخلى أوكرانيا عن جزء من أراضيها، ولا ننسى أن روسيا استعادت القرم خلال ولاية ترامب الأولى، ومن المتوقع أن تستعيد الدونباس كاملة خلال ولايته الحالية..
ومع استحالة إنهاء الحرب خلال المدة التي حددها ترامب خلال حملته الانتخابية، وهي 24 ساعة، إلا أن الاتصالات المكثفة واللقاءات الدولية تتسارع، حيث يهيمن على مؤتمر ميونخ للأمن قضية إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقد أعطى ترامب مبعوثه كيث كيلوغ مهلة مئة يوم لإنهاء الصراع، فيما أثارت تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس الذي يشارك في مؤتمر ميونخ وسيلتقي الرئيس زيلينسكي موجة من ردود الفعل لأنها لا تتوائم مع ما أعلنه الرئيس ترامب الذي يسعى لتطبيع العلاقات مع روسيا وليس إلى فرض المزيد من العقوبات عليها.
ولا شك أن اللقاء المرتقب بين بوتين وترامب يشكل عاملاً حاسماً لإنهاء الصراع ووقف العمليات العسكرية على الأقل بعد أن اتسعت واشتدت خلال الأيام الماضية، حيث تحاول قوات زيلينسكي الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها في كورسك الروسية لحين بدء المفاوضات الروسية الأمريكية، مع أن موسكو ترفض الجلوس على طاولة المفاوضات مع زيلينسكي الذي تعتبره رئيسًا غير شرعي لأوكرانيا، وربما تعمل مع الرئيس ترامب وبالاتفاق معه على استبداله في نهاية المطاف كحل لا بد منه لإنهاء الصراع..