نواب أمريكيون يطالبون بتخفيف العقوبات على سوريا.. واشنطن بين التكتم والتردد في سياساتها تجاه دمشق
الأوضاع الأمنية في سوريا، وبخاصة بعد أحداث الساحل، لا تزال تحتل الأولوية في جدول أعمال حكومة أحمد الشرع بعد أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد. إلا أن الشأن الاقتصادي المتردي، والوضع المعيشي، وحالة الفقر المدقع التي يعيشها أكثر من 16 مليون سوري داخل البلاد، بالإضافة إلى مسألة رفع العقوبات أو تخفيفها على أقل تقدير، تشكل أيضاً هاجساً رئيسياً. حيث تمضي معظم دول العالم قدماً في هذا المجال، فيما تقف الولايات المتحدة حائلاً دون رفع هذه العقوبات. وتشهد الساحة الأمريكية حالة من التململ والغموض والتردد، رغم التحولات التي تشهدها السياسة الأمريكية تجاه سوريا، حيث بدأت أصوات داخل الكونغرس تطالب بإعادة النظر في العقوبات المفروضة منذ أكثر من عقد. ورغم أن الإدارة الأمريكية لا تزال متمسكة بالعقوبات، إلا أن هناك إشارات إلى إمكانية تقديم تسهيلات في بعض الجوانب، وخاصة فيما يتعلق بالتحويلات المالية. هذا التحول يعكس تزايد الإدراك داخل واشنطن بأن العقوبات بصيغتها الحالية قد تعيق جهود إعادة الإعمار وتؤثر على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، كشفت عن وجود توقعات بإعفاءات قريبة من العقوبات المفروضة على سوريا، قد يعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدة أن الولايات المتحدة لا تعتزم إلغاء العقوبات بشكل كامل، لكنها تدرس تقديم بعض التسهيلات، خاصة فيما يخص التحويلات المالية.
تصريحات بروس جاءت بالتزامن مع رسالة مشتركة وجّهها النائبان في الكونغرس إليزابيث وارن وجو ويلسون إلى وزيري الخارجية والخزانة الأمريكيين، يطالبان فيها بتخفيف العقوبات على سوريا، مؤكدين أن استمرار العقوبات بصيغتها الحالية قد يعيق الاستقرار في سوريا ويفتح المجال أمام قوى أخرى، مثل إيران وروسيا، لتعزيز نفوذها.
وطالب النائبان وزارتي الخارجية والخزانة بوضع خارطة طريق واضحة تحدد الخطوات المطلوبة من السلطات السورية لتخفيف العقوبات بشكل أوسع، معتبرين أن التحرك السريع في هذا الاتجاه قد يكون ضرورياً لحماية المصالح الأمريكية، والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استقراراً للشعب السوري.
وفيما تراقب واشنطن بعناية الوضع في سوريا لتحديد السياسة المستقبلية تجاه دمشق، فإن الاتحاد الأوروبي حسم أمره، حيث أقدم في الرابع والعشرين من شباط الماضي على خطوة إيجابية عندما أعلن تعليق العقوبات المفروضة على قطاعات البنوك والطاقة والنقل.
ودعا رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو سيرجيو بينيرو، في وقت سابق، إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإزالة العوائق أمام التعافي وإعادة الإعمار.
واعتبر أن السوريين يقفون أمام فرصة كبيرة لرسم مسار مستقبلي جديد لبلدهم، مشيراً إلى أن الحكومة السورية منحت لجنة التحقيق المستقلة إمكانية الوصول الفوري إلى سوريا، ما أتاح فرصاً لإجراء مناقشات تمهيدية مع الإدارة الجديدة حول عدد من قضايا حقوق الإنسان.
الحرب في أوكرانيا واستئناف القتال بين إسرائيل وحماس تشغل إدارة ترامب عن اتخاذ قرارات بشأن الوضع في سوريا، لأن هذه الإدارة منخرطة بشكل كلي بهذين الملفين الشائكين. فيما تبقى الشروط الأمريكية لرفع العقوبات عن سوريا مبهمة وغامضة، في وقت تقوم فيه الإدارة السورية باتخاذ التدابير والإجراءات التي من شأنها المساعدة في ردم الهوة بين دمشق وواشنطن، وتسريع تخفيف العقوبات، خاصة بعد التوقيع على الاتفاق لدمج قوات سورية الديمقراطية بقيادة الجنرال مظلوم عبدي في وزارة الدفاع السورية، وتشكيل جيش سوري موحد.