في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، قدم المحلل السياسي أحمد رفعت يوسف تحليلاً عميقاً للأسباب الجوهرية التي تجعل الملف السوري يحظى بأولوية قصوى في أجندة مجلس الأمن الدولي، حيث كشف النقاب عن التفاعلات المعقدة التي تجعل من سورية بؤرة التوتر العالمية ومركز الثقل في الصراعات الإقليمية والدولية.
أوضح يوسف أن الأهمية الاستثنائية لسورية تنبع من عوامل متشابكة تبدأ بالموقع الجيوسياسي الفريد الذي جعل منها على مر التاريخ نقطة التقاء للحضارات وميداناً للصراع بين الإمبراطوريات. واستشهد المحلل بتصريح وزيرة الخارجية الألمانية الذي وصف سورية بأنها “قلب العالم”، مشيراً إلى أن هذا الوصف ليس مجرد كلام إنشائي بل يعكس حقيقة جغرافية وتاريخية وسياسية. فسورية، بحسب التحليل، تمثل العقدة المركزية في شبكة المصالح الدولية، حيث تتقاطع فيها طرق المواصلات البرية والبحرية، وتلتقي فيها حدود النفوذ بين القوى الكبرى.
تناول المحلل بالتفصيل التحول الدراماتيكي الذي شهده الثامن من كانون الأول، معتبراً إياه لحظة فارقة في التاريخ الحديث. فبعد سنوات من الحرب والمعاناة، شهدت سورية تحريراً غير مسبوقاً قلب موازين القوى في المنطقة، وأحدث تأثيرات متداعية على الصعيد الدولي. وأشار يوسف إلى أن هذا الحدث لم يكن تغييراً محلياً فحسب، بل شكل زلزالاً سياسياً هز أركان النظام الدولي، حيث أعاد ترتيب التحالفات وأجبر القوى الكبرى على مراجعة حساباتها الإستراتيجية.
كشف التحليل عن الأبعاد الخفية للصراع الدولي على سورية، حيث أبرز يوسف أن ما يحدث خلف الكواليس من مفاوضات ومساومات وصفقات يتجاوز بكثير ما يظهر في الجلسات العلنية لمجلس الأمن. وأوضح أن الملف السوري أصبح بطاقة ضغط في يد القوى الكبرى، يستخدمونه في مساوماتهم على قضايا أخرى تبدو ظاهرياً غير مرتبطة بسورية، من الملف النووي الإيراني إلى أزمة أوكرانيا والصراع مع الصين.
تطرق يوسف إلى قضية العقوبات الدولية، مبرزاً التناقض الصارخ بين الخطاب الإعلامي الدولي حول “الإغاثة الإنسانية” والحسابات السياسية الباردة التي تحكم قرارات رفع العقوبات. وأشار إلى أن كل طرف دولي يربط رفع العقوبات بشروط تخدم مصالحه الخاصة، مما يحول الملف الإنساني إلى ورقة مساومة في لعبة سياسية كبرى.
اختتم يوسف تحليله بالتأكيد على أن الإجماع الدولي النادر حول ضرورة استقرار سورية لا يعكس توافقاً حقيقياً في الرؤى، بل هو تعبير عن إدراك جميع الأطراف أن انهيار سورية سيكون له تداعيات كارثية تتجاوز حدود المنطقة. وأشار إلى أن هذا الإجماع الهش قد ينكشف إذا ما تعمقت الخلافات بين القوى الكبرى، مما يعيد سورية إلى مربع الصراع الدولي من جديد.