
في سياق التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن لتمثل محطة فارقة في مسار إعادة تعريف العلاقات السورية-الأمريكية بعد قطيعة دامت ثمانية عقود. وفي تحليل خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، يرى الإعلامي جانبلات شكاي، المدير السابق لصحيفة الوطن السورية أن هذه الزيارة تحمل دلالات عميقة تتجاوز الشكليات والبروتوكولات إلى إعادة رسم التحالفات الإقليمية في مرحلة ما بعد التحرير.
يكشف شكاي عن الأبعاد الرمزية والاستراتيجية للزيارة، مشيراً إلى أنها رسالة واضحة بأن سوريا اليوم لم تعد سوريا ما قبل العام الماضي. ويسجل أن اختيار التوقيت وآلية استقبال الرئيس الشرع، بما في ذلك الدخول من الباب الجانبي، كان مقصوداً لخلق إثارة إعلامية وتحقيق أقصى استفادة سياسية من الحدث.
في تحليل الأهمية الموضوعية للزيارة، يبرز شكاي قرار الرئيس ترامب بتجميد العقوبات على سوريا لستة أشهر قادمة كمؤشر واضح على نية التغيير في السياسة الأمريكية، معتبراً أن هذا القرار يأتي استجابة للتوافق الإقليمي الداعي لاستقرار سوريا من تركيا والسعودية وحتى إسرائيل. ويسجل أن سوريا تستعيد تدريجياً موقعها كممر تجاري واستراتيجي في المنطقة، كما يتجلى في مشروع مد شبكة إنترنت جديدة عبر أراضيها.
في معرض الرد على المشككين بنوايا الدول الإقليمية، يؤكد شكاي أن المؤشرات على الأرض منذ أكثر من سنة تثبت الرغبة الجادة في تحقيق الاستقرار، مشيراً إلى أن الإدارة السورية الجديدة التقطت منذ البداية متطلبات المرحلة وعملت على تنفيذها، وهو ما أكسبها الدعم الدولي. ويسجل أن الشروط المطلوبة من سوريا تركز على محاربة المخدرات والإرهاب وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
ختاماً، يشدد شكاي على أن التحدي الأكبر يتمثل في قدرة سوريا على تحويل هذا الدعم الدولي إلى فرصة حقيقية لتحقيق المصالحة الوطنية وبناء الدولة المدنية التشاركية. ويبقى السؤال المركزي: هل ستتمكن سوريا من توظيف هذه التحولات الدولية لصالح تعزيز أمنها الوطني واستقرارها الإقليمي، أم أن تعقيدات المشهد الداخلي والإقليمي ستحد من تأثير هذه الزيارة التاريخية؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في المسيرة السورية.

