الحرب بين إيران والكيان الصهيوني تتخذ منحى تصعيدياً يوماً بعد يوم. حرب تبدأ بالطائرات الإسرائيلية نهاراً وتنتهي بالصواريخ الإيرانية ليلاً…
اللغة الحربية التي تتخاطب بها إيران والكيان الصهيوني منذ الهجوم الإسرائيلي على طهران في الثالث عشر من حزيران الجاري لا تترك مجالاً للتكهن باقتراب نهاية الحرب… فإرادة القتال عند الصهاينة – الذين ينتهكون القواعد والقوانين الدولية – لا تقل عن إرادة القتال لدى الإيرانيين الذين يدافعون عن أنفسهم، وليس أمامهم خيارات كثيرة سوى الرد بصواريخهم على إسرائيل التي تتعرض لامتحان صعب جراء موجات متلاحقة من الهجمات منذ أكثر من أسبوع.
الاصطفافات الدولية التي ترجح كفة إيران رغم التهويل الأمريكي والإنذارات التي تتقنها إدارة ترامب، تبقى ذات أهمية سياسية ومعنوية، لكنها لم تغير اتجاه الصراع. فباكستان المتحمسة، وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية المتحالفة مع إيران، لا يمكنها دخول الحرب ضد إسرائيل لأن ذلك يعني ببساطة اندلاع حرب عالمية ثالثة، وانهيار اقتصادات الدول المشاركة، وارتفاع أسعار النفط والطاقة، فضلاً عن الخسائر البشرية الهائلة.
وفي الجانب الآخر، يقترب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو من تحقيق حلمه الدفين بإشعال حرب بين إيران والولايات المتحدة. ربما ينتظر أسبوعين آخرين حتى انتهاء المهلة التي منحها ترامب لإيران للتوصل لصفقة مع أمريكا… لكن السؤال: ماذا سيحدث خلال هذين الأسبوعين في ظل استمرار الصواريخ الإيرانية في استهداف حيفا وتل أبيب وبئر السبع والمواقع العسكرية، بينما تقصف إسرائيل منصات الصواريخ الإيرانية والمنشآت النووية، وتناشد أمريكا التدخل تحت ذريعة “حماية إسرائيل” من تهديدات إيران؟
يستغل الكيان الصهيوني – سياسياً ودينياً – أسلوب ترامب في الحكم وشغفه بإبرام الصفقات، خاصة التجارية، لجر أمريكا إلى الحرب ضد إيران. نجحت إدارة ترامب وحكومة نتنياهو في حملة تحريض واسعة ضد طهران، مستغلةً الأوضاع العربية المتردية وانشغال العالم بحرب أوكرانيا، لخلق معادلات جديدة في المنطقة وتصفية الحسابات دون عواقب تذكر على إسرائيل.
لكن التجربة أثبتت أن نتنياهو يعرف كيف يبدأ الحروب، لكنه لا يعرف كيف ينهيها – كما حدث في غزة. رغم المرونة الإيرانية وقبولها التفاوض، يصر نتنياهو على شروط استسلامية، بينما ترفض طهران الانصياع للضغوط، مؤكدة أن القضية تتعلق بالهوية والسيادة والكرامة الوطنية.
في النهاية، يبقى الدور الحاسم للولايات المتحدة. إذا تدخل ترامب عسكرياً لصالح إسرائيل، فهذا إعلانٌ غير مباشر عن بداية حرب عالمية ثالثة… لن ينجو أحد من عواقبها الكارثية.