في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، قدم الكاتب الصحفي أحمد يوسف تحليلاً شاملاً لأزمة المفاوضات بين الحكومة السورية وقوات “قسد”، حيث كشف النقاب عن تعثرها بشكل شبه نهائي. وأوضح يوسف أن المبعوث الأمريكي توماس باراك كان واضحاً في تقييمه للمفاوضات، حيث صرح بأنها “لم تحقق أي تقدم ملموس” ونصح قسد بقبول شروط السلطة السورية، في إشارة واضحة إلى بداية تحول في الموقف الأمريكي الذي ظل داعماً لقسد طوال 15 عاماً.
وأكد يوسف أن الدعم الأمريكي المستمر لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) منذ عام 2014 لم يكن بدافع حماية حقوق الأكراد أو الاهتمام بمستقبل سوريا، بل جاء انسجاماً مع حسابات المصالح الأمريكية في المنطقة. وأضاف: “الولايات المتحدة أنشأت قسد ودربتها لمحاربة داعش، لكن بعد تحقيق هذا الهدف، بدأت تراجع أولوياتها”. مشيراً إلى أن واشنطن لن تتخلى عن قسد بين ليلة وضحاها، لكنها قد تبدأ في تقليل دعمها تدريجياً لصالح تعزيز علاقاتها مع دمشق، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية الأخيرة.
وعلى الصعيد الإقليمي، كشف يوسف عن معطيات جديدة حول الموقف التركي، حيث أوضح أن أنقرة تتابع بقلق بالغ أي تقارب بين دمشق وقسد، خوفاً من أن يصبح أي اتفاق بينهما سابقة للمطالب الكردية في تركيا. فالأتراك يخشون خصوصاً بعد إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن تحوله إلى النضال السياسي، أن يصبح النموذج السوري مثالاً يحتذى به للأكراد في تركيا. مضيفاً أن هذا القلق يفسر التصريحات الأخيرة للقيادة التركية التي حذرت من أي اتفاق منفرد بين دمشق وقسد.
وفي المقابل، أشار يوسف إلى تناقض الموقف الإسرائيلي، حيث لاحظ أن تل أبيب تدعم التمرد المسلح في السويداء بينما تترك الملف الكردي في الشمال السوري للتركيين. وقال: “هذه سياسة إسرائيلية تقليدية تهدف إلى إبقاء سوريا ضعيفة ومقسّمة”، مشيراً إلى أن إسرائيل تفضل التعامل مع كيانات صغيرة على حدودها بدلاً من دولة سورية قوية موحدة.
وفي تحليل مفصل لمطالب قسد، أوضح يوسف أنها تختلف جوهرياً عن نموذج كردستان العراق، حيث قال أن الأكراد في سوريا لا يشكلون أغلبية في مناطقهم، بل هم أقلية بين مجموعات عربية وسريانية متنوعة. وأضاف أن هذا الواقع الديمغرافي يضعف موقف قسد التفاوضي، رغم شرعية مطالبهم بالحقوق الثقافية واللغوية. واستشهد يوسف بالاعتراف الدولي باللغة السريانية في السويد كمثال على ضرورة احترام حقوق الأقليات.
وربط يوسف بشكل محكم بين تطورات الملف الكردي وأزمة السويداء، حيث رأى أن الحل في أي من المنطقتين سيؤثر حتماً على الأخرى. وأكد أن “من حق الدولة فرض سيادتها على كامل أراضيها، لكن هذا يجب أن يقترن بضمان حقوق جميع المكونات دون المساس بوحدة البلاد”. مشيراً إلى أن أي حل ناجح يجب أن يوازن بين هذين المبدأين.
وختاماً، تساءل يوسف عن إمكانية تحقيق حل سياسي شامل في ظل التعقيدات الحالية، وقال: “التحدي الأكبر يتمثل في كيفية التوفيق بين مطالب الأطراف المحلية ورغبات القوى الإقليمية والدولية”. وأضاف أن مستقبل سوريا سيتحدد بقدرة السوريين على إيجاد صيغة توافقية تحفظ وحدة البلاد مع الاعتراف بتنوعها، بعيداً عن التدخلات الخارجية والمصالح الضيقة.